«الإرهاب».. والأخطاء الأميركية
هي «مصادفة» بالتأكيد أن يصل وفد من الكونغرس الأميركي، بقيادة رئيس اللجنة الفرعية للأمن القومي في مجلس النواب رون ديسانتوتس، إلى إسرائيل للبحث في نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس في الوقت الذي نفذَّ فيه الأردن حكم العدالة بعشرة إرهابيين كانوا قد ارتكبوا جرائم بحق عدد من المواطنيين الأردنيين من بينهم رجال أمن وجنود في القوات المسلحة «الجيش العربي» والمؤكد أن الشعب الأردني اقتداء بالآية القرآنية الكريمة التي تقول:»ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب» ينتظر أن يأتي الدور على كل من ثبت تورطه بإراقة دماء بريئة استجابة لتعليمات تنظيمات إرهابية ألحقت بأفعالها الإجرامية تشويها بصورة الدين الإسلامي الحنيف في أربع رياح الكرة الأرضية .
ولعل ما لا يدركه الأميركيون الذين تحدثوا وما زالوا يتحدثون عن نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس (المحتلة) أنهم يضعون في أيدي الإرهابيين مبررات وحجج لإقناع «السذج» والجهلة والبسطاء والذين يعانون من عقد نفسية ومشاكل شخصية كثيرة بأنَّ كل هذه الجرائم التي يرتكبونها هي :»جهاد في سبيل الله «.. والعياذ بالله وهي من أجل الإنتقام من الذين أنشأوا دولة إسرائيل وحافظوا على استمرار إحتلالها للمقدسات الإسلامية وللأراضي العربية المحتلة إن في فلسطين وإن في الجولان وسابقاً في مصر ولبنان.
نحن نعرف أكثر كثيراً من الأميركيين أن الإرهاب الذي بدأ بـ»القاعدة» في أفغانستان ثم أُستكمل بـ «داعش» و»النصرة» ، التي أصبح اسمها مؤخراً «حفش» ليس له علاقة بالدفاع لا عن فلسطين ولا عن القدس والجولان ولكنه وبخاصة في السنوات الأخيرة وبعدما تجذر في العراق وسوريا وفي بعض الدول العربية الأخرى بدأ «يصطاد» الجهلة والسذج والذين يعيشون على هوامش مجتمعاتهم برفع راية «الجهاد» بينما بقي «يصب جام غضبه» على المسلمين وعلى العرب بعد تكفيرهم لأنهم يرفضون جرائمه ويرفضون تشويهه للإسلام العظيم الذي هو دين الرحمة والحق والتسامح والذي يرفض قتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق .
كان على الأميركيين وعلى غيرهم في الغرب كله أن يدركوا أن «التطاول» كثيراً في تملق إسرائيل ودعم ظلمها وإحتلالها وفتكها بالشعب الفلسطيني وبتهديدها للدول العربية كلها، القريبة والبعيدة، هو المادة التي يستخدمها «داعش» كما كانت استخدمتها «القاعدة» ولا تزال لإستدراج السذج والمغفلين والذين يعيشون على هوامش مجتمعاتهم لإيقاعهم في المصائد الإرهابية ودفعهم للقيام بكل هذه الجرائم بحجة مواجهة «الإستكبار العالمي» ومواجهة «العدو الصهيوني» والجهاد في سبيل الله .. والله سبحانه وتعالى منهم ومن أفعالهم براء.
ولذلك فقد كان على العقلاء في الولايات المتحدة، وهم كثر، أن يُفهموا هذا الرئيس الجديد دونالد ترمب أنَّ القضاء الفعلي على «داعش» والتنظيمات الإرهابية لا يتم لا بالصواريخ ولا بالغارات الجوية والجيوش الجرارة بل بـ «إفلاسه» عقائدياًّ وهذا يتطلب مواقف فيها ولو القليل من الإنصاف تجاه الصراع العربي – الإسرائيلي وتجاه القضية الفلسطينية وعدم الإستمرار بدعم إسرائيل ظالمة ومظلومة وهي بقيت ظالمة منذ أن أقيمت بمؤامرة دولية على أرض الشعب الفلسطيني .
أمّا أنْ تبقى الولايات المتحدة تخبط خبط عشواء وتثير قضايا لا ضرورة لها ولا هذا الوقت وقتها بينما هناك كل هذه المواجهات المصيرية مع الإرهاب وتنظيماته فإن هذا يصب الحب في الطاحونه الإرهابية ويضع أسلحة في أيدي «داعش» وغيره لإستدراج السذج والمغفلين بحجة أنَّ واشنطن تريد نقل سفارتها «انصياعا للتعليمات الصهيونية» إلى القدس المحتلة .
الراي 2017-03-05