الإرهاب ورهانه الشمشوني
انسجاما مع اطروحة العنف والتطرف المضادة للأديان والعقائد والاعراف لم يطلب هؤلاء العلم حتى من الصين بل يهددونها الان باراقة الدماء، وهذا ليس دليلا جديدا على عولمة الارهاب فقط، بل هو تذكير لمن اصابتهم عدوى الزهايمر الإرادي بأن الاوبئة خصوصا عندما تكون ذات بعد اخلاقي وثقافة عمياء لا حدود لها، والسبيل الوحيد للتلقيح ضدها هو الثقافة المضادة لكل اطروحاتها، بدءا من التربية حتى اعادة النظر بمرجعيات تعرضت للتقويل وليس للتأويل كما يزعم الغُلاة .
وما من ظاهرة في التاريخ كانت عصية على التعريف الدقيق كالارهاب، لهذا شاعت في مختلف اللغات مقولة ما يسمى الارهاب، وكأن هذا المصطلح بلغ حدا من المطاطية والمرونة بحيث يتسع او يضيق تبعا للنوايا والاستراتيجيات .
وقد اصبح من المسلمات ان الاقتصار على دافع واحد للتطرف كأن يكون اقتصاديا او ايديولوجيا يبقى قاصرا، لأن هناك جملة من العوامل تتحالف لانتاج نمط من التفكير يمزج التاريخ بالخرافة؛ ما يؤدي بالضرورة الى العمى المزدوج الذي يصيب البصر والبصيرة معا .
وقد يكون إنعدام اي مُشترك منطقي بين التطرف والاعتدال هو احد اسباب اتساع الهوة وتعميقها، وكأن اللغة خلقت من اجل سوء التفاهم بين البشر وليس التواصل، ومن يهددون الصين لا طلبا للعلم بل من اجل اراقة الدم تصبح كل المفردات في قاموسهم ذات دلالات معكوسة، فالجنة جحيم والعدالة سطو وتمدد والرحمة توحش . والحرب في العمق ثقافية وتربوية بامتياز، لكن ما يقال في مختلف المناسبات عن الاستعداد لهذه الحرب يبقى مجرد حبر على ورق، لأن معظم الجهد ينصرف الى الاحتراز وتجنب تسمية الاشياء باسمائها، خشية من الالتباس واساءة الفهم والاستعداء .
وما يبدو حقيقة وليس مجرد خيال او وهم هو قابلية الشر والخير معا للعولمة، فالعقائد كان المرسل اليه في كل زمان ومكان هم البشر كلهم، ومنجزات العلم والفلسفة والفن تعولمت ايضا ولم تعد حكرا على صانعيها.
وما يسميه علماء النفس الماسوشية او الرغبة في تدمير الذات هو من صميم مكونات الارهاب، لأن رهانه شامشوني، وشعاره : بعدنا الطوفان سواء كان من دم او ماء !!
الدستور 2017-03-05