بانتظار بعثة صندوق النقد
في الوجبة الأولى من التصحيح المالي قدمت الحكومة مقترحات بسقف مرتفع رأى فيها صندوق النقد الدولي مبالغة ونصح بتخفيفها.
محير أمر هذا الصندوق فهو من ناحية يضغط نيابة عن المانحين والمقرضين لتنفيذ تصحيح قاس يرضي موكليه ومن ناحية أخرى يبحث عن الشعبية.
نفهم أن يسعى الصندوق المتهم بالقسوة في التعامل مع الدول التي تطلب مساعدته الى تبييض صفحته بنقل الغضب الى الحكومات لكننا نفهم أيضا أن أخطاء الحكومات وتقاعسها عن تصويب أوضاعها المالية ذاتيا هو السبب في هذه النتائج.
في حواره الأخير مع كتاب وصحافيين من صحيفتنا العزيزة « الرأي» ألمح رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي الى أن الإتفاق مع الصندوق ليس بقرة مقدسة ويمكن مراجعته لناحية التخفيف من الإجراءات , بينما أن لوزارة المالية وعينها على الأرقام رأيا أخر , فالتصحيح يجب أن يكون مرة وإلى الأبد بما يزيح عن عاتق الأجيال المقبلة والحكومات المتعاقبة الظل الثقيل للتشوهات الإقتصادية.
بعثة صندوق النقد الدولي ستكون في عمان في 15 اذار الجاري ، لتقييم المراجعة المالية العامة وإصلاحات هيكلية للاقتصاد الوطني، وقد إستبقت الزيارة بتصريحات تناولت إرتياح الصندوق للأداء المالي ولما تتوقعه من نتائج إيجابية للإجراءات الأخيرة , ومن وجهة نظر الرئيس أن تحقيق هذه الإجراءات للأهداف التي تتوخاها سيجعل الحكومة في موقف جيد يدفع نحو مزيد من المرونة وإن تحقق ما هو أكثر فإن ذلك سيكون نافعا لتخفيف العجز بما هو أكثر وتقليص اللجوء الى الإستدانة والأهم هو عدم الحاجة الى أية إجراءات جديدة.
حسب أخر التوقعات يرى صندوق النقد الدولي إمكانية أن يسجل النمو الاقتصادي في المملكة 3.2 % خلال العام الجاري , والحكومة من جانبها لا تجادل في هذه الفرضية وإن كانت ترى أن تحقيق هذه النسبة ممكن في حال عملت عليها.
على الأقل على مدى عامين مضيا إعتاد صندوق النقد الدولي تعديل توقعاته وخلال فترات قريبة , ربما السبب في ذلك يعود الى الأداء المرتبك والمتغير في الإقتصاد العالمي وتسارع إيقاع الأحداث السياسية والتحذيرات التي دأب الصندوق على إطلاقها لم تتغير وهي المتعلقة ، بارتفاع المديونية وزيادة العجز بالموازنة العامة، في ظل ضعف معدلات النمو الاقتصادي، إلى جانب تراجع الاستثمار الخارجي وضغوط الظروف الإقليمية ودور اللاجئين السوريين.
شهادة الصندوق بالتزام الحكومة بالإصلاحات دائما كانت حاضرة حتى لو لم تتحقق كل أهداف التصحيح , وطبعا لو أن البرنامج السابق حقق أهدافه لما كانت هناك حاجة لبرنامج جديد يستمر حتى عام 2018، مقابل تسهيلات ائتمانية تبلغ حوالي ثلاثة مليارات دولار.
حتى العام 2018 نتوقع مزيدا من الإجراءات التصحيحية , وهو ما يتطلب مثلها لتحفيز النمو لتخفيض حجم الدين الى الناتج المحلي الإجمالي كنسبة وهي معادلة محيرة لكنها ليست مستحيلة.
الراي 2017-03-06