تواريخ جوفية
ما يكشف بين وقت وآخر من اسرار الماضي، وما يحدث من اعادة الاعتبار للبعض وسلبه من آخرين يدفعنا الى الاعتقاد بأن هناك تاريخا جوفيا تماما كالمياه الجوفية في باطن الارض، فالتاريخ له جيولوجياه ايضا والمغمور منه اضعاف المرئي، ليس فقط لأن من كتبه او املاه هم الاقوياء المنتصرون بل لأن هناك اسرارا دفنت مع اصحابها، واذا كانت الجريمة لا تكتمل وتبقى ناقصة ما دام هناك شهود فإن جرائم التاريخ ايضا لا تكتمل وتبقى ناقصة ليس بفضل البحث والحفريات المعرفية، بحث يكشف سبب موت امبراطور كنابليون بعد قرون من خلال فحص خصلة من شعر عثر عليها واتضح انه مات مسموما بالزرنيخ، واكثر من ذلك يكشف العلم الان عن اسباب مرض وموت بعض الفراعنة وما كان يسمى لعنة الفراعنة تبعا لخرافة شائعة اثبت العلماء ان تلك اللعنة التي تلاحق من ينبشون المقابر هي جراثيم واشعاعات افرزها التقادم وامتزاج العناصر في اماكن مغلقة .
ان التاريخ الجوفي هو المسكوت عنه، وما يحظر الاقتراب منه للعديد من الاسباب، وعلى سبيل المثال ما من انتصار كامل او هزيمة ساحقة كما كتب المؤرخون، وما من حاكم عادل بشكل مطلق وآخر جائر تماما، لكن هذه الثنائيات هي التي التقطها الناس عن سطح التاريخ، وقد يكون ما حدث في جوفه غير ذلك تماما !
لهذا يستشهد بعض المؤرخين الجدد بأمثلة من الواقع اليومي، ويقولون ان عبارة واحدة يطلقها شخص ما سرعان ما تصبح رواية لأن كل من ينقلها يضيف اليها من خياله وعاطفته ورغباته .
ان المخفي من التاريخ هو الاعظم سواء أكان بين سطوره ام في جوفه !!
الدستور 2017-03-08