صندوق الفرجة..
الإعلام الجديد أصبح ينافس بقوة الإعلام التقليدي الذي تندرج تحته أنماط وأنواع لوسائل اتصال وتواصل عرفتها البشرية في العصر الحديث، كالصحافة الورقية ومحطات التلفزة والإذاعات، ومن المفارقات اللافتة أن هذه الأنماط من وسائل الإعلام التقليدي أصبحت بحاجة لمنصات الإعلام الجديد لتعينها على الانتشار والفاعلية، فالصحافة المكتوبة أصبحت عرجاء وبحاجة لقدم ثانية هي الموقع الإلكتروني، ومحطة التلفزة تحتاج لقناة على يوتيوب، والإذاعة بحاجة لنقطة بث على الإنتنرت، وكلها بحاجة لحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، كتويتر وفيسبوك وأنستغرام وتلغرام وغيرها، للتواصل مع نحو نصف سكان الأرض، ممن تتوافر لديهم القدرة على دخول الشبكة العنكبوتية.
هذه الحقائق تفضي إلى سؤال كبير: هل نحن بحاجة لمزيد من إنشاء منصات تقليدية للإعلام، أم نذهب مباشرة للإعلام الجديد؟ هل ننشيء محطات تلفزة وصحف وإذاعات جديدة، أم نختصر الزمن، ونفكر في دائرة «الهاتف الذكي» الذي أصبح «صندوق الفرجة» المعاصر الذي يضع في جيب معطف أحدنا كل وسائل الاتصال والتواصل التي ابتدعها الإنسان على مدار العقود الماضية؟
سأجازف هنا بالقول، أن «الحدث» الذي يقع في صندوق الفرجة هذا، أصبح مادة جاذبة للإعلام التقليدي، فكم من تغريدة على تويتر تصدرت عناوين الصحف الورقية، ونشرات محطات التلفزة، ولاكتها الإذاعات، وكم من صورة على أنستغرام صارت مدار حديث في كل وسائل الإعلام التقليدي، بتعبير آخر، وسائل الإعلام التقليدي اليوم عيال على وسائل الإعلام الجديد، ونسغ حياتها، وبدونها لا موقع لها على خريطة الاهتمام البشري!
إذا اقتنعنا بهذا التشخيص، ولو بالحد الأدنى، يتعين علينا في حقل الإعلام وكناشطين في مختلف المجالات، أن نختصر الزمن ونبدأ بالتفكير في كيفية التعبير والتغيير، عبر صندوق الفرجة هذا، وصولا إلى الجمهور المستهدف، وهو هنا نصف سكان الأرض أو أكثر!
ويكفي أن نلقي نظرة سريعة على هذه الأرقام كي ندرك حجم الانفجار المعرفي الذي نعيشه:
*مليون مستخدم جديد للإنترنت يومياً * كل ثانية يبدأ 15 شخص جديد حول العالم استخدام الشبكات الاجتماعية. * كل ثانية يبدأ 7 أشخاص حول العالم باستخدام الهواتف المحمولة. 6 منهم تكون هواتف ذكية. * كل يوم يستخدم الشبكات الاجتماعية عبر الهواتف الذكية 1.5 مليون شخص لأول مرة. يعني بمعدل 188 شخص كل ثانية. * عدد مستخدمي الإنترنت 3.7 مليار شخص وفق أرقام يناير 2017، أي نصف البشرية على الإنترنت. * عدد مستخدمي الشبكات الاجتماعية عموماً يصل إلى 2.7 مليار مستخدم. * عدد مستخدمي الهواتف المحمولة 4.9 مليار مستخدم. * عدد مستخدمي الشبكات الاجتماعية عبر الهواتف المحمولة 2,55 مليار مستخدم، أما في بلادنا العربية، فيبلغ عدد مستخدمي الإنترنت 147 مليون مستخدم بمعدل 60% من إجمالي عدد السكان. أما عدد مستخدمي الشبكات الاجتماعية النشطين فيصل إلى 93 مليون مستخدم، ويبلغ عدد مستخدمي الهواتف المحمولة 313 مليون مستخدم أي بنسبة 127% من عدد السكان! أما عدد مستخدمي الشبكات الاجتماعية من الهواتف الذكية في المنطقة العربية، فيصل 83 مليون مستخدم، فيما يبلغ معدل النمو السنوي في عدد مستخدمي الإنترنت إلى 15% أي دخول 199 مليون مستخدم جديد سنوياً،, معدل النمو في عدد مستخدمي الشبكات الاجتماعية في المنطقة العربية 47% أي دخول 300 مليون مستخدم نشط جديد سنوياً!
أما معدل النمو في عدد مشتركي الهواتف المحمولة فيصل إلى 5% سنوياً أي 15 مليون مشترك جديد، معدل النمو في عدد مستخدمي الشبكات الاجتماعية من الهواتف الذكية 44% أي 255 مليون مستخدم جديد!
نحن أمام واقع جديد، ومن ليس له «تطبيق» في أبل ستور، أو جوجل بلاي، ليس موجودا على الخارطة، والذكي من يجد لغة تفاهم وتواصل مع الهاتف الذكي، أما من ينظر إلى هذا الهاتف باعتباره آلة لاستقبال وإرسال المكالمات، فقد فاته القطار!
الدستور 2017-03-09