إيران تدعم القضية الفلسطينية.. والنتيجة؟!

تم نشره الأربعاء 15 آذار / مارس 2017 01:11 صباحاً
إيران تدعم القضية الفلسطينية.. والنتيجة؟!
ياسر الزعاترة

كلما تحدثت عن إجرام إيران، وعدوانها على غالبية الأمة، خرج عليك شبيحة من كل لون (طائفي وحزبي وأيديولوجي، وفلسطينيون من ألوان معينة، وقلة طيبة) يذكّرونك بأن إيران دعمت وتدعم المقاومة الفلسطينية. 

تستحق هذه القصة بعض التوقف؛ أولا من زاوية أخلاقية، ثم سياسية، وأخيرا مستقبلية، مع أن البعد الأخلاقي يبقى الأهم بالنسبة إلينا، لأن سفك دماء الأبرياء دون وجه حق، يتفوق على أي قضية سياسية مهما كانت أهميتها.

الذين يتجاهلون الأخلاق والإحساس الإنساني يرون أن دعم إيران للقضية الفلسطينية يغفر لها كل جرائمها، وهذا لعمري تكرار لمأساة المتاجرة بالقضية التي تابعناها لعقود من قبل أنظمة عربية شتى. 

نفتح قوسا لنشير إلى شكل من أشكال التناقض الفاضح عند شبيحة إيران، ذلك أن صدام حسين مثلا كان من أكبر داعمي القضية الفلسطينية، بل إن موقفه خلال انتفاضة الأقصى، بتخصيص مبالغ مالية كبيرة لعائلات الاستشهاديين كان واحدا من أهم عناصر التحريض عليه في الأوساط الصهيونية، وبينما اعترف الصهاينة أنهم خططوا لاغتياله، ثم ألغيت العملية بعد وقوع خطأ في التدريب عليها أدى لمقتل عدد من الجنود، لم نسمع مثلا أن الصهاينة خططوا لاغتيال قاسم سليماني. والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لم يعتبر جحافل الطائفيين إياهم أن موقف صدام ذاك، يغفر له دكتاتوريته في العراق؟!

من زاوية أخلاقية وإنسانية، سيكون من السقوط اعتبار أن دعم إيران للقضية، يمنحها الحق في سفك دماء شعب ثائر ضد طاغية فاسد في سوريا، أو دعم طائفي فاسد كالمالكي في العراق، ما أدى إلى مأساة لم تنته فصولها بعد، أو إشعال حرب في اليمن بالتعاون مع طاغية ثار الشعب وخلعه.

الغالبية الساحقة من أبناء الشعب الفلسطيني ترفض هذه المقايضة. صحيح أن هناك من بينهم من يتبناها، لكنهم قلة، وأكثرهم ثمة تفسيرات أخرى لمواقفهم لا صلة لها بالقضية ذاتها، بل بأبعاد يعرفها الجميع.

لنأتي إلى البعد السياسي للقضية، فحين يُفتضح الأمر تماما بعد كل الذي جرى، ويتبين أن مشروع إيران لا علاقة له البتة بتحرير فلسطين، وأنه لا يعدو مشروعا طائفيا يطارد ثارات التاريخ، فسيكون من العبث تجاهل ذلك، حتى لو حررت إيران فلسطين، فضلا عن أن تكون قصتها كلها محض دعم محدود لأجل الدعاية ليس إلا، بدليل العقوبات التي اتخذت بحق حماس بسبب موقفها من سوريا، قبل أن يعود بعض الدعم من منطلق الحاجة السياسية لتزيين وجه قبيح. ولا ننسى بطبيعة الحال التحالف مع روسيا مع علم إيران بموقفها الحقيقي من الكيان الصهيوني، والعلاقة الحميمة بين بوتين ونتنياهو، وهو ما افتضح تماما منذ التدخل الروسي ولغاية الآن.

الأسوأ من ذلك كله، هو معالجة هذه القضية من زاوية هذا الحريق الذي أشعلته إيران، والذي وضع الحبّ صافيا في طاحونة العدو الصهيوني، ومنحه من المكاسب ما لم يحلم به في يوم من الأيام.

ماذا عن المستقبل؟ هل ستواصل إيران دعمها للقضية الفلسطينية، أو لبعض قوى المقاومة بتعبير أدق؟ من الصعب الجزم بذلك، فالابتزاز الأمريكي قد يدفعها لتغيير موقفها برمته من أجل تجنب العقوبات، ولكن بقاء بعض الدعم القليل الذي لا يزال يصل، لا يغير في موقف من يعرفون الأخلاق والإنسانية. 

يحيلنا هذا الأمر إلى بُعد آخر يتعلق بموقف بعض العرب من القضية، ذلك أن موقفنا آنف الذكر من إيران، لا يدفعنا إلى تجاهل مواقف تستحق الإدانة من لدن أنظمة عربية؛ ليس لأنها لا تمنح بديلا لقوى المقاومة يغنيها عن الذهاب لإيران، بل أيضا لأن بعضها يتآمر على القضية ويطبّع مع الصهاينة في السر والعلن.

الدستور 2017-03-15



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات