التصريحات الأميركية: قـراءة صـحـيـحـة !
ونحن والمعارضة السورية نقول: أن الشعب السوري هو الذي يقرر مصير بشار الأسد وبدل الإنشغال بهذا الموضوع الذي من المفترض أنه بات محسوماً منذ إنطلاق الثورة السورية في عام 2011 فإنه يجب الإنشغال بمحتوى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي من المفترض أن تشهد جنيف قريباً الجولة السادسة من «مفاوضاته» وبخاصة البند المتعلق بالمرحلة الإنتقالية التي من المفترض أن إنجازه والإتفاق عليه يعني رحيل رئيس هذا النظام المستبد الذي لو أنه تصرف ولو بالحد الأدنى من العقلانية لما أصبحت سوريا أكواماً من الأتربه والحجارة ولما غدت أبوابها مشرعة للذين يريدون تصفية حساباتهم الإقليمية والدولية وعلى ما هو واقع الحال الآن.
لقد نصَّ هذا القرار، قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، الذي صدر كمشروع قرار أميركي في كانون الثاني (يناير) 2016، على أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل (البلاد) والذي دعا لتشكيل حكومة إنتقالية وإجراء إنتخابات برعاية أممية وطالب بوقف أي هجمات ضد المدنيين «بشكل فوري» ولقد إعتمد بيان جنيف الآنف الذكر رقم 2254 بيانات فيينا الخاصة بالأزمة السورية بإعتبارها الأرضية الأساسية لتحقيق عملية الإنتقال السياسي بهدف إنهاء النزاع وشدد على أن الشعب السوري هو من سيحدد مستقبل بلده وأعرب عن دعم المجلس، مجلس الأمن، للمسار السياسي السوري تحت إشراف الأمم المتحدة لتشكيل هيئة حكم ذات مصداقية تشمل الجميع وغير طائفية وإعتماد مسار صياغة دستور جديد في غضون ستة شهور.. وهنا فإن المفترض أن تكون هذه المفاوضات قد إنتهت لولا التدخل الروسي والإيراني ومناورات النظام وألاعيبه.
ولذلك فأن المقصود بما نسب إلى وزير الخارجية الأميركي ريكس تلرسيون هو أنه بدل «التركيز» والإنشغال بمصير بشار الأسد يجب التركيز على الحل السياسي «الطويل الأمد للنزاع» وبالطبع وفقاً لهذا القرار الدولي الآنف الذكر رقم 2254 الذي أهم ما فيه هو عملية الإنتقال السياسي وتشكيل هيئة حكم ذات مصداقية وإعتماد مسار صياغة دستور جديد وإجراء إنتخابات برعاية أممية .
إن هذه هي حقيقة الأمور ولذلك فإن «مفاوضات» جنيف المتعثرة، إنْ لم نقل الفاشلة، من المفترض أن تعقد جولتها السادسة لاحقاً والمعروف هنا أن وفد المفاوضات المعارض كان قد رفض كل ما أشار إليه وزير الخارجية الأميركي بخصوص مصير بشار الأسد معتمداً على أن مصيره ستقرره المرحلة الإنتقالية التي نص قرار مجلس الأمن رقم 2254على أنها يجب أن تفضي إلى تشكيل هيئة حكم ذات مصداقية وإعتماد صياغة دستور جديد وإجراء إنتخابات برعاية أممية.
وهنا ومادام أنه نُسب إلى السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ما نسب إلى وزير خارجية الولايات المتحدة فإنه لا بد من الإشارة إلى أن هذه السفيرة، نيكي هايلي، قد قالت أمام مجلس العلاقات الخارجية الأميركي يوم الخميس الماضي: أنَّ كلاًّ من الرئيس السوري بشار الأسد وإيران»يشكلان عقبة كبيرة أمام محاولات المضي قدماً لوضع حدٍّ للنزاع في سوريا».. أضافت:»إنه حين يكون هناك زعيم مستعد للذهاب إلى حد إستخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه فإنه لا بد من التساؤل عما إذا كان هذا الشخص يمكن حتى العمل معه.. ومع العلم أنه إن لم تكن لدينا سوريا مستقرة فإنه لن تكون لدينا منطقة مستقرة وسيزداد الوضع سوءاً... إنها، أي سوريا، مصدر تهديد دولي في الوقت الحالي وعلينا أن نجد حلاًّ لها».
في كل الأحوال فإنه وحتى وإن قالت هايلي ما جرى تقويلها له فإنه لا بد من الإشارة إلى أن الاميركيين في عهد إدارة باراك أوباما قد بقوا وعلى مدى أكثر من خمسة أعوام متلاحقة خارج دائرة الفعل الحقيقية بالنسبة للأزمة السورية فالمعروف أنهم كانوا سلموا كل أوراق هذه الأزمة للروس وللإيرانيين أيضاً وهم بقوا كـ»شاهد ما شافشي حاجة» وهذا يعني أنهم سيبقون في هذه الدائرة ست سنوات أخرى إنْ لم يدركوا، ويعملوا على هذا الأساس، إن بشار الأسد قد إنتهى عملياًّ وأن قرار سوريا الممزقة على الجانب الآخر من المعادلة ليس في يده وإنما في يد فلاديمير بوتين ثم وإن الشعب السوري، الذي بدأ من الصفر عام 2011 والذي من المفترض أنه هو الوحيد الذي له الحق في تقرير مصير رئيسه ومصير بلده ومستقبلها لديه الإستعداد بعد كل هذه التضحيات التي قدمها لمواصلة القتال والثورة لتحقيق أهدافه التي عنوانها:»دولة موحدة وحرة وديموقراطية وتعددية وغير طائفية ولكل مكوناتها الإثنية والدينية والطائفية».
الراي 2017-04-02