هل تخالف الجامعة العربية ميثاقها التأسيسي ؟!
سؤال واضح ولكنه محير ، وسهل ولكنه صعب للغاية ، يفرض نفسه بمناسبة الحديث عن جامعة الدول العربية في ذكرى تاسيسها ، وهو العيد العربي الأشمل الذي مر بنا قبل أيام على خجل ودون احتفال او ضجيج.
السؤال هو: لماذا تم تجميد عضوية سوريا في الجامعة وهي العضو المؤسس ؟!
قبل الدخول في دوامة الاجابة على السؤال أرى أن من الواجب تناول فكرة تاسيس الجامعة ، التي بدات باجتماع عقد في القاهرة في العام 1942 شارك فيه من مصر مصطفى النحاس باشا ورئيس الحكومة السورية جميل مردم ، ومن لبنان بشارة الخوري الذي اصبح رئيسا للجمهورية في وقت لاحق. تمحور البحث في الأجتماع الثلاثي حول تأسيس جامعة أو رابطة أو تحالف او اتحاد عربي يجمع الدول العربية من اجل الحفاظ على مصالحها واستقلالها وسيادتها في خضم الحرب العالمية الثانية. تواصلت الاتصالات من اجل تحقيق هذه الفكرة بانضمام الأردن والعراق والسعودية واليمن الى ان اجتمعت اللجنة التحضيرية من الدول السبع في شهر أيلول من 1944 واتفقت على انشاء جامعة الدول العربية التي تم التوقيع على ميثاقها في 22 آذار عام 1945. وحسب الاتفاق التاسيسي أن من مهمات وصلاحيات جامعة الدول العربية « صيانة استقلال الدول الاعضاء ، وانه لا يجوز الألتجاء الى القوة لفض المنازعات بين دولتين من دول الجامعة ، كما لا يجوز اتباع سياسة خارجية تضر بسياسة جامعة الدول العربية أو أي دولة من دولها «.
والأهم من كل ذلك ، اذا تجاوزنا تنظيم العمل العربي المشترك والدعوة للتكامل الأقتصادي ، هناك المادة الثامنة من الميثاق التأسيس التي تنص على « أن تحترم كل دولة مشتركة في الجامعة العربية نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى ، وتعتبره حقا من حقوق تلك الدول ، وتتعهد بألا تقوم بعمل يرمي الى تغيير ذلك النظام فيها «... انتهى الأقتباس.
في خضم الفوضى العربية القائمة العارمة نتساءل: هل هناك أي التزام بميثاق جامعة الدول العربية ؟. لا اعتقد ذلك ، فالدول العربية غارقة في حروب تغيير انظمة عربية ، واكثر من ذلك فقد سمحت لدول اقليمية وأجنبية بالتدخل العسكري والسياسي في الصراعات الأهلية القائمة داخل عدد من الدول العربية ، بل أكثر وأكثر فهناك دول استدعت واستقوت بجيوش اجنبية تتدخل بهدف تغيير انظمة عربية وتقسيم الشعب والارض على قاعدة عرقية وطائفية.
هذا هو المشهد العربي الراهن ، واعتقد ان له أكثر من وجه مظلم غامض وجانب معتم غير معلن تضيع فيه المقاييس ، وهو ما يثير التساؤلات ايضا. ففي المشهد العربي الملتهب عدة جبهات ، وفي مقدمتها ما يحدث في ليبيا ، هناك ارى ان التنظيمات المتطرفة الأرهابية تقاتل حكومة الأنقاذ ، مع وجود عدة برلمانات وحكومات تتقاسم جسد ليبيا الدولة والوطن ، ورغم ذلك ظلت ليبيا محافظة على مقعدها في الجامعة العربية. وفي اليمن ارى ان حربا حقيقية شرسة تدور بين جماعة الحوثي وانصار الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح من جهة وبين جيش الرئيس هادي ومن يحالفه من جهة اخرى ، ورغم ذلك احتفظت اليمن بمقعدها في الجامعة العربية.
وفي العراق ايضا ، نشاهد على شاشات الفضائيات اشتباكات دموية بين الجيش العراقي ومليشياته ( الحشد الشعبي ) وبين تنظيم داعش الأرهابي ، بحيث تكاد الموصل العالقة بين القوتين أن تتلاشى من الوجود ، اضافة الى أعداد ضخمة من الضحايا المدنيين ، ورغم ذلك احتفظ العراق بمقعده في الجامعة العربية ، فهل هناك عدة مكاييل ومقاييس في الجامعة العربية: لماذا تم تغييب سوريا فقط لا غير ؟! سؤال يحتاج الى اجابة ، وانا اعرف ان الجواب سهل وصعب ، واضح وغامض ، في وقت واحد.
الراي 2017-04-03