السيناريو الغائب

تم نشره الإثنين 03rd نيسان / أبريل 2017 12:57 صباحاً
السيناريو الغائب
ماهر ابو طير

قبل أيام قليلة، صرح وزير الخارجية الأميركي، عن نية ادارته، إقامة مناطق آمنة، لحماية السوريين، وقد تمت تسمية هذه المناطق بمناطق استقرار مؤقتة!.

لا يمكن لمصطلح «المناطق الآمنة» ، او «مناطق الاستقرار المؤقتة» أن يحمل المعنى ذاته كل فترة، فسابقا، تم الحديث عن مناطق آمنة بمعنى مناطق للسوريين، دون تفريق على أساس العرق أو الدين أو المذهب، تكون محمية من النظام ومن الجماعات المتشددة، معا، لكن المعلومات تشير الى ان مصطلح «مناطق استقرار مؤقتة» يعني شيئا آخر هذه المرة.

على مايبدو ان هذه المناطق المؤقتة ستكون طائفية، او مذهبية، وسوف تخصص من اجل لون واحد، على أساس طائفي او مذهبي، بمعنى مناطق للسنة، ومناطق للمسيحيين، ومناطق للعلويين، وبحيث يتجمع كل دين، او طائفة، او مذهب، في منطقة تسيطر عليها اغلبية من ذات اللون، من اجل إشاعة «الاطمئنان» بين المنتمين الى هذه المنطقة.

هذه خطة تعني التوطئة للتقسيم، ولاشيء غير ذلك، تحت غطاء انساني، والواضح في مرات كثيرة، ان واشنطن تتخبط في سوريا، فهي تعلن فجأة ان إزاحة الأسد ليس اولويتها، وفي ذات الوقت تريد تجهيز ناتو عربي لمحاربة الإرهاب في سوريا، والعراق، ثم تأتي لتتحدث عن «مناطق استقرار مؤقت»، ولايمكن لها اقامتها دون موافقة النظام السوري، ولا يمكن لها أيضا الذهاب الى مجلس الامن، من اجل الحصول على قرار بشأنها، مادام الفيتو الروسي فوق رؤوس الاميركان، الا في حال وجود صفقة ترسيم للجغرافيا البشرية بين الاميركان والروس.

مصطلح «مناطق استقرار مؤقتة» يعني تحديد ثلاث او اربع مناطق أساسية في سوريا ذات صبغة محددة، عبر الكلام مثلا، عن اللاذقية العلوية، واعتبارها منطقة استقرار مؤقت للعلويين، وترحيل العلويين من مناطق أخرى اليها، او اعتبار درعا سنية، وترحيل السنة اليها، تحت غطاء انساني، يريد الحاق الفروع بالاصل على أساس طائفي او مذهبي، وبحيث تتحول المناطق لاحقا، الى مناطق تجمع كبرى، مؤهلة للتحول الى دويلات، في سياق تقسيم سوريا وتشظيتها الى اربع مناطق، عبر عزل المكونات الاجتماعية عن بعضها البعض، باعتبار ان عيشها معا بات مستحيلا.

لهذا استعمل الاميركان على لسان وزير الخارجية الأميركي مصطلح «مناطق استقرار مؤقتة» بدلا من مصطلح «المناطق الامنة» وكأن هذه المناطق المؤقتة مجرد بذرة لمشروع قادم على الطريق، تتضح تفاصيله، في سياقات أخرى، لها علاقة باي صفقة محتملة مع الروس، وما يجري من سعي لفصل حلقة ايران عن النظام السوري، وتفويض إسرائيل بحزب الله، وفصل الملف الفلسطيني عن ملفات المنطقة، لتسويته، واخراجه من دائرة النزاعات.

ما يتضح في مرات كثيرة، ان هناك تخبطا اميركيا في الوصفات، كما اشرت قبل قليل، لكن علينا ان نقر ان واشنطن تجرب بضع وصفات معا، وتريد خلط الأوراق؛ لأن عليها ان تكون مستعدة لأي السيناريوهات اكثر نجاحا.

هي في كل الحالات، لاتقول لك، كيف يمكن تفريغ السكان من مناطقهم بذريعة الحرب على داعش، وترحيلهم بذريعة هذه الحرب، الى «مناطق استقرار مؤقت» من لون مذهبي او طائفي، فتدعي في التوقيت ذاته ان هذه حرب على الارهاب، وتنكر ان للحرب دورا وظيفيا مخفيا، يتعلق بتشظية سوريا الى اربع مناطق استقرار مؤقتة، توطئة لتقسيم مجدول ولو بعد حين!.

الدستور 2017-04-03



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات