ماذا بعد الضربة الأميركية؟!
استيقظ العالم على مفاجأة فجر الجمعة، فالصواريخ الاميركية انهمرت على قاعدة ومطار الشعيرات، اهم قاعدة عسكرية سورية، بالنسبة للنظام السوري، ودمرت مدرجات مطاره وطائراته، ردا على ماحدث في «خان شيخون» من استعمال للسلاح الكيماوي ضد السوريين الابرياء.
الذي يقرأ الحدث، لا ينسى ان الادارة الاميركية ذاتها قبل ايام، صرحت ان ازالة الاسد ليست اولوية للادارة الاميركية، وان كل ما يهمها داعش، وبعد هذه التصريحات بيومين، فقط، حدثت جريمة «خان شيخون»، والتي دفعت ذات الرئيس الاميركي الى الانقلاب على تصريحاته السابقة، والقول ان موقفه تغير من الاسد، وكأن ترامب لم يكن يرى سابقا، وكان بحاجة الى «خان شيخون» وهذه بحد ذاتها مفارقة.
هكذا في بحر يومين، تنقلب المعادلة، ولو مؤقتا، لكننا نسأل بموضوعية هل كانت هناك مصلحة اساسا للنظام السوري في استعمال السلاح الكيماوي، في عز اعلان الاميركان ان الاسد لم يعد هدفا، لان السياق يقول ان لا مصلحة ابدا لدمشق الرسمية، في توقيت استثنائها من الاستهداف الاميركي، ان تعود وتضع نفسها تحت المطارق الاميركية، تحت عنوان جريمة حرب!.
لكن المشهد، جرى بما قد جرى، والنظام السوري، نفى صلته بالحادث، والروس اعترفوا لاحقا ان طائرات النظام هي التي قصفت، والموقع كان مخزنا للسلاح الكيماوي، بيد المعارضة السورية، ووسط هذه التلاعبات والروايات المتناقضة، يدفع السوريون الثمن وحدهم.
في كل الحالات، كانت جريمة «خان شيخون»، ايا كان الفاعل فيها، توطئة لتحول كبير، تمثل برد الفعل الاميركي، فالرئيس الاميركي لديه حسابات كثيرة، اولها انه يريد ان ينفي عن نفسه شخصيا صفة الضعف والتردد التي لازمت الرئيس السابق اوباما، وثانيها انه يريد نزع اي اتهامات له داخل الولايات المتحدة بأنه مخترق روسياً، ولهذا يوجه ضربة، دون اي حساب لرد فعل الروس، كما انه ضمنيا، يوجه رسالة الى كل دول العالم، بأن عهده عهد الذي يهدد وينفذ، كما ان النقطة الرابعة ترتبط بالضغط على الروس حصرا، والايرانيين، وحزب الله، وعلينا ان نلاحظ ان الضربة لم تستهدف المؤسسات السياسية السورية، بل قاعدة عسكرية، بما يعني ان احتمال ان تكون الصواريخ مجرد تحريك للحل السياسي، امر وارد، ولا يعني ذلك بالضرورة، انهاء الاسد حاليا.
المثير في الضربة الاميركية، رد الفعل الروسي، الذي اعتبر العملية الاميركية، ارهابية، وهذا يعني تصعيدا في العلاقات الاميركية الروسية، وهو تصعيد قد يأخذ المنطقة باتجاهات مختلفة، اما تسوية سياسية بين الاميركان والروس، في عدة مواقع في العالم، في سياقات اعادة رسم النفوذ والمصالح، واما سنجد انفسنا امام حرب الاصلاء، بعد انتهاء حرب الوكلاء، التي كنا نراها في سوريا.
هذا سلوك اميركي جديد، ولا يمكن لانصار الرئيس بشار الاسد الذين احتفلوا قبل ايام، باستثناء الاسد من الاولوية الاميركية، ان يعودوا لينددوا اليوم بالضربة الاميركية، فهذا انفصام كبير، يلمسه الجميع من الموالين للنظام السوري، في دول كثيرة.
المهم هنا، ان نقف عند رأي لافت للانتباه، فالبعض يعتقد ان جريمة «خان شيخون» كانت روسية تم تلبيسها للنظام السوري، انتقاما على خلفية حادثة بطرسبورغ، فيما الرد الاميركي ضد السوريين، كان كرمى للاسرائيليين، الذين اطلقت القوات السورية صواريخ عليهم قبل اسابيع، وهذا يعني ان لكل هذه المعركة، عناوين معلنة، وعناوين خفية وحقيقية، فيما يدفع السوريون الثمن فرادى.
مالذي سيحدث اليوم، بعد هذه الضربة الاميركية؟ الارجح اننا امام تطورات سلبية جدا، عسكريا وسياسيا، داخل سوريا، وفي جوارها العربي، تحت مظلة صراع روسي اميركي، وهذه التطورات سوف تمتد الى ايران وحزب الله، وكل جوار سوريا، فهذه الضربة تقول بأختصار ان الازمة السورية في طريقها للفصل والحسم، سياسيا، او عسكريا، خصوصا، ان الرسالة وراء الصواريخ الاميركية، لاتقف عند حدود السوريين، بل تمتد الى كل حلقات السلسلة الداعمة للنظام الروسي.
لسان حال ترامب يقول « انا لست اوباما» ولانعرف الى اين سيأخذنا هذا الرجل، فالنار التي تم اشعالها مؤهلة للتمدد الى مواقع عديدة.
الدستور 2017-04-08