دبلوماسية «التوماهوك».. إلى أين؟

تم نشره الأحد 09 نيسان / أبريل 2017 01:13 صباحاً
دبلوماسية «التوماهوك».. إلى أين؟
محمد خروب

يصعب على الولايات المتحدة التي فاجأت العالم بعملية عسكرية اسمتها «ضربة» على قاعدة الشعيرات الجوية السورية، ان تُحرِز نجاحاً في «ضبط» واستيعاب ردود الفعل المعادية او الرافضة لخطوتها الاستعراضية, التي دأبت على استخدامها في مسعى مكشوف لفرض رؤيتها السياسية على من يُعارضها او يَرفض القبول بمواقفها من قضايا وأزمات خِلافية اقليمية او دولية, وبخاصة اذا كانت هذه خارج اطار القانون الدولي، او بدت وكأنها استخدام مُفرِط للقوة, يهدف الى إخضاع واسقاط الأنظمة, بعيداً عن الشرعية الدولية التي غالباً ما تزدريها واشنطن.

ظنّ البعض ان ادارة ترامب لن تتوقف عند مجرد اطلاق 59 صاروخ كروز من طراز توماهوك, التي بدا معظمها, وفق معلومات ميدانية, وكأنها ضلّت طريقها الى مرافق القاعدة الجوية السورية، ولم تُحقِّق النجاح الذي أَمِلَه مَنْ وقفوا خلف قرار «رئاسي»، يحسب كثيرون انه كان قراراً مُتسرِّعاً, أَوقَع ترامب نفسه وادارته فيه, دون ان يتسنّى له تحقيق اي انجاز سياسي, حتى لو تمنى كثيرون حدوث ذلك, من قبيل ما بدأوا يُروّجون له, بِأن ترامب اعاد «التوازن الدولي في الشرق الأوسط»، او انه بضربته تلك قد «غيّر قواعد الحرب في سوريا» وغيرها, مما تبدو كأحلام اقرب الى الأوهام, منها الى اي شيء آخر، وبخاصة ان هؤلاء – بمن فيهم الاميركان – يُصرِّون على تجاهل ردود فعل الطرف «الآخر»,الذي لن يُسلّم بسهولة (...) اميركية كهذه، تأخذ بيدها وحدها تحقيق «العدالة» من موقع القاضي والحَكَمْ, دون ان تحفل برأي الآخرين او تأخذ مصالحهم في الاعتبار.

لا يهمّ هنا ان كان الرئيس الاميركي اقنع نفسه بأن «أميركا.. انتصرت للعدالة»,فيما هو يدرك كما بعض اركان حزبه الجمهوري ومعظم المعارضة الديمقراطية, انه خرق «الدستور» الاميركي بعدم استشارة الكونغرس, في الوقت ذاته الذي يُحذِّره كثيرون داخل السلطة التشريعية من مغبة ايصال العلاقات بروسيا الى «حافة الهاوي» والمخاطر التي ستحدق بالمصالح الاميركية, اذا ما انزلق الطرفان اولاً (ولاحقاً الإقليم وربما العالم) الى مواجهة عسكرية، قد تبدأ بخطأ تقني او بشري, ثم لا تلبث الأمور أن تخرج على نطاق السيطرة.

هل قلنا موسكو؟

نعم.. اذ ثمة اصوات مُتهوِّرة انطلقت في معرض نشوتها بالضربة الاميركية، للحديث عن «صمت» روسيّ, بل قالوا «خوف» اعترى الكرملين من التصدي للصواريخ الاميركية, وراحوا ينسجون اكاذيب وترّهات لا علاقة لها بالسياسة او التحليل السياسي, ليزعموا ان موسكو معنِيّة بمصالحها وليس مصالح النظام السوري أو النفوذ الايراني, وغيرها مما يُمنّون انفسهم.. بحدوثه, الاّ ان القراءة الهادئة البعيدة عن الانفعال والعواطف والرغبات, تشي بأن ردّ موسكو (كما حلفاء دمشق في الإقليم) لن يتأخر, ليس فقط بعد انهيار الثقة«سريعاً» بإدارة ترامب وسقوط الرهان على انها ستأخذ منهجاً مختلفاً عن السلبية التي اتسم بها عهد اوباما, وبخاصة في عرقلة الحل السياسي وتعطيل مسارات التفاوض, سواء في جنيف بِنسخِه المختلفة ام استانا، بل ودائماً في ان هروب ترامب الى الأمام, من المشكلات العديدة التي تواجه ادارته وسيادة ثقافة التشكيك في قدراته وحكمته، عبر الذهاب الى إبعاد الأنظار عن الازمات, والإرتباك الذي ميّز قراراته وخطواته لتوجيه ضربة الى قاعدة الشعيرات السورية, والتلويح بعمليات أخرى على ما هدّدت المندوبة الاميركية في الأمم المتحدة نيكي هالي في جلسة مجلس الأمن الأخيرة, بادعائها ان: «إجراءً» محسوباً بدقة كان مُبرراً تماماً.. ونحن مستعدون لفعل «المزيد»!! يدفع موسكو وحلفاؤها للخروج باستنتاج حاسم (بعيداً عن الأوهام والتهيؤءات)، ان ادارة ترامب بضربتها هذه, قد نسفت كل الجسور(أصابت العلاقات الروسية الأميركية بأضرار هائلة,والتي هي في وضع سيئ..قالت موسكو) التي حاول هؤلاء اقامتها معها، وبخاصة في ظل التصريحات التي اعاد تكرارها بعد تنصيبه (وكان ردّدها في حملته الانتخابية) من ان اميركا غير معنية بأن تكون شرطي العالم, وان لواشنطن هدف محاربة الإرهاب, وإزالة داعش عن الخارطة, وليس مهمتها إسقاط الأنظمة.

شعارات فارغة اتضح انها غير صحيحة, وكانت مجرد دخان وتضليل, حتى يصل الرجل الى حفل التنصيب, وليدير ظهره الى كل ما حاول تسويقه واوقع فيها بعض الذين ظنوا أن اميركا دخلت مرحلة جديدة, غير تلك التي ترسخت عليها... صورتها كـَ شنّ الحروب وتدبير الانقلابات ودعم الميليشيات والمتطرفين.

لهذا كان لافتاً تصريح وزير الخارجية الاميركي ركس تيلرسون, من ان واشنطن «خاب املها جداً» من رد فعل موسكو على الضربة الاميركية، وكأني برجل الأعمال هذا, الذي يفتقر الى اي خبرة دبلوماسية, يريد من موسكو,ان تُعلن ترحيبها ودعمها للضربة, بل ربما اراد ان يسمع من بوتين ولافروف العبارة التي تفيض نفاقاً,كتلك التي أدلى بها اردوغان, عندما رحّب بالضربة الاميركية, لكنه رأى انها «غير كافية», فيما نادى وزير خارجيته جاويش اوغلو, باسقاط الرئيس السوري (عسكرياً بالطبع) وإقامة حكومة انتقالية.

صحيح ان واشنطن ضربت قاعدة الشعيرات الجوية, وأظهرت «بعض» قدرات ترسانتها العسكرية الضخمة, إلاّ انها ستكون عاجزة - او مرتبكة - في مواجهة تداعيات هذه الخطوة المتسرّعة, التي نحسب انها «ستندم» عليها في وقت من الأوقات. وليس في تعليق موسكو بروتوكول التنسيق الجوّي مع واشنطن في الأجواء السورية, سوى إشارة الى ما يمكن حدوثه أو توقّعه من عواقب...»وخيمة» بالطبع.

الراي 2017-04-09



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات