نحو قاعدة بيانات حقيقية..
المعلومات الحقيقية في وقتها هي قوة للاقتصاد وربما منعة للدولة في كافة مناحي الحياة العصرية، اما اخفاء المعلومات او تقديمها مشوهة غالبا ما تؤدي الى الاخفاق وتضعف متخذ القرار في القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، وفي الدول الحديثة يعتبر تقديم المعلومات بدون تجميل هو حق طبيعي، وفي حالات التراجع لاسيما في الانشطة الاقتصادية يعتبر الاعتراف بها اولا، والبحث في الاسباب وراءها ثم وضع الحلول الممكنة للافلات من الاخفاق والتعافي..وهنا للمراقب ان يطرح سؤالا مهما ..الى اي مدى نحصل على ارقام دقيقة وحقيقية حول معظم القطاعات الاقتصادية...؟!.
هذه المقدمة ضرورية ونحن نتابع ارقاما وبيانات متباينة لمعظم القطاعات، فالارقام المعنية بالعمالة الوافدة متباينة، وكذلك الموفقون لاوضاعهم القانونية، ودائما نتبع الارقام بكلمة تقريبا علما بأن الدقة مهمة، وكذلك بالنسبة للبطالة والفقر، اما بالنسبة للاجئين هناك تباين كبير بين ما نعلن عنه وبين ما تقبله مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، مقولات ويافطات ترفع في شوارع رئيسية تتحدث عن حب 9 ملايين نسمة توحي بأنه تعداد سكان المملكة، علما بأن تعداد السكان العام للمواطنين بلغ 6.7 مليون مواطن.. وغير ذلك الكثير الذي يقدم حول ارقام ونسب بعيدة كل البعد عن الحقيقة.
ارقام ونسب حول ارقام الهواتف المتنقلة وانتشار الانترنت غير واضحة، اما الدين العام ونسبته الى الناتج المحلي الاجمالي غير متفق عليه، وكل هذه الارقام يفترض ان تقدم سنويا ودوريا لخدمة المتابع والدارس ومتخذ القرارات، فالمعرفة تساهم في وضع خطط قادرة على التنفيذ مع نسبة انحراف متعارف عليها، الا ان معظم حياتنا نسبية وبميل انحراف كبير.
الاردن يوصف بأنه من افضل الدول من حيث التعلم والدارسين والاقل أمية، وهذا يعني قدرة عالية على القياس وتحديد الاولويات، فالاحتياجات معروفة بالمقارنة مع الدول ذات الكثافة السكانية، وان حالة الارباك الرقمي تشير الى عدم الاهتمام ببناء قاعدة بيانات حقيقية، وغياب ذلك لايخدم بناء تنمية مستدامة، وفي هذا السياق فإنه على سبيل المثال دائرة الاحوال المدينة ربما الوحيدة التي تعرف تعداد سكان المملكة يوميا مع كل اشراق الشمس حيث تصلها ارقام واسماء المواليد، وكذلك الوفيات.
بناء قاعدة بيانات حقيقية في كافة القطاعات أمر غاية في الاهمية من اجل ضبط حركتنا الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وبدونها لايمكن بناء دولة عصرية، فالامنيات شيء والواقع شيء آخر،..مرة اخرى المعلومة قوة علينا الاهتمام بها وتقديمها لمن يطلبها.
الدستور 2017-04-10