صرخة وطن أخرى

تم نشره الإثنين 10 نيسان / أبريل 2017 01:30 صباحاً
صرخة وطن أخرى
رمزي الغزوي

ذات قهر وتلوث أطلق واحد من المتعبين صرخة مدوية مزلزلة: (أرجوكم أوقفوا الأرض عن الدوران أريد أن أنزل). لكني لست مع الصرخة أبداُ، فأنا أؤمن أن هذا الكوكب الأزرق الوديع، هو بيتنا الوحيد، وليس حافلة على خط الزرقاء عمان، أو الجامعة صويلح، نطرق شباكها، إذا ما أردنا النزول، في أي وقت نشاء. إنها الأرض: مهدنا، ومعاشنا، ودربنا وحلمنا وقبرنا. إنها أمنا الأولى. 

أول أمس انطلقت حملة (صرخة وطن) لجمع القمامة في عدة مناطق ببلدنا. حيث احتشد مئات الشباب بقمصان وقبعات بيضاء يجمعون بأكياس ما تيسر من أوساخ خلفها الناس وراءهم في مناطق سياحية وغير سياحية. الحاضر الأكبر في هذه الحملة هو (السلفي) والتصوير المفرط لمواقع التواصل الإجتماعي.

بكل صراحة ووضوح هذا الحملات لم تعد مجدية أبداً. فهي تقليد نجتره كل عام دونما وعي بمعناه أو فحواه. حملات لم تحدث الأثر المرجو منها عبر مسيرها الطويل. فمنذ خمس وثلاثين سنة، وأنا أشترك شخصياً في مثل هذا الشيء المكرر، ولكن الوضع لم يتغير أو يتبدل. الناس ما زالت ترمي قمامتها في الشوارع، وتدمر الغابات بابلاستيك المشروبات الغازية، وتترك مخلفات الرحلات في المتنزهات والغابات ببرودة أعصاب ودون شعور بالخزي أو التقصير. ولهذا فالحملات ليست إلا ذراً للرماد في عين الحقيقة. فكيف تريد أن يجمع مئات الشباب في يوم ما (يزبله) شعب كامل مدار العام. تلك إذن قسمة ضيزى.

علينا أولاً أن نعترف أن المشكلة تكمن في الثقافة لدى المواطنين، وفي نظرتهم لأنفسهم ولبلدهم ومدنهم وقراهم وغاباتهم. فثقافتنا تؤمن أن البيت هو الوطن فقط، وخارج بابه للكلاب، كما يقولون. ولهذا ترى بيوتنا براقة نظيفة، فيما شوارعنا وساحاتنا وسخة.

فلو كان لدى المواطنين شعور حقيقي، بأن الوطن بيته؛ لحافظ عليه. وهذا شيء خطير. أي لا يوجد لدينا حس جمعي، يشعرنا أن الوطن بيتنا. هذه النقطة المؤلمة الحساسة هي التي يجب أن تنطلق منها الصرخات والحملات. 

فلم يعد مجديا أن نعالج العرض ونترك المرض. نحن بحاجة لصرخة من أجل بناء ثقافة تغطي وتعلي من شأن هذه القيم التي أهملناها وافتقدناها. ثقافة تُعدُّ (الوطن بيتاً). نريد أن نوجه جهودنا نحو التثقيف والتنوير وتأصيل القيم.   

لا نريد أن نقرع زجاج حافلة الوطن، لنقول: نريد النزول، بكل ما في الكلمة من يأس وقنوط وهروب، فلا وطن لنا غير هذا الوطن ولا بيت لنا غيره. ولهذا أتمنى أن نشمر عن عقولنا وأفكارنا ومواهبنا ووسائلنا؛ من أجل تأصيل معنى الوطن ومعنى نظافتة، ونعيد بناء الشعور بالمسؤولية والإحساس بها لدى الناس. هذا ما يعول عليه، وما سواه، ليس إلا كيس قمامة نجمعه، ليتراكم بدل منه أطنان وأطنان. 

الدستور 2017-04-10



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات