النظام العربي.. ليلة سقوط غرناطة !
في مشهد عربي يشبه الى حد بعيد ليلة سقوط غرناطة أرجو ان « تأخذوني على قدر عقلي « وتسمحوا لي بالتساؤل: هل صحيح ان الولايات المتحدة بقدراتها العسكرية والأقتصادية غير قادرة على انهاء داعش من الوجود ، وهل صحيح أن الآدارة الأميركية لا تعرف من يموّل ويسلّح التنظيمات الأرهابية في ليبيا ومصر واليمن والعراق وسوريا ، ومن يقدم لها الدعم السياسي والأعلامي ؟!
قد تكون تساؤلاتي ساذجة ، بعد مذبحة الشعانين في طنطا والأسكندرية ، وبعد ستة أعوام من بداية كوارث «الربيع العربي» والأقتتال الأهلي في أكثر من بلد عربي أغرقته الدماء. ولكن لا بد من من التساؤل للوصول الى الحقيقة لأن الفلاسفة يقولون: « الشك يقود الى السؤال ، والسؤال يقود الى اليقين «.
ونسأل ايضا باستغراب ودهشة: « ماذا كان موقف الولايات المتحدة والدول الأوروبية والشرعية الدولية بشأن الأعتداء الأرهابي على المصلين في كنائس مصر ، وماذا قدمت هذه الدول من دعم لمصر في حربها على الأرهاب ، سوى تقديم التعازي واصدار تصريحات الأستنكار والتنديد بالأرهاب ، وهو موقف العاجز أو المتواطئ بالطبع !!
اسئلة وتساؤلات قد تطول الى ما لا نهاية تثيرها مواقف الدول الغربية وبعض الدول الأقليمية المتورطة ، وهي المواقف المعلنة بوقاحة حينا ، أو يلفها الغموض والألتباس أحيانا ، ولكنها تصب في طاحونة المشروع ألأميركي الواسع الكبير المعلن ، وهو نشر الفوضى الخلاقة من أجل قيام الشرق الأوسط الجديد ، وهو المشروع الذي تخدمه وتكرسه التنظيمات الأرهابية المتطرفة تحت شعار المشروع السياسي الأسلامي الذي اساء الى عقيدة الأسلام ، وأيقظ كل من يعاديها في الكون.
الحقيقة أن الغرب خبير في الحروب الدينية ، ولا ننسى ما دار من خلافات دامية بين الكنيسة والدولة في اكثر من دولة غربية ، وفي أكثرمن عصر اوروبي مضى ، وقد لا ننسى حرب الثلاثين عاما المذهبية الدامية التي دارت رحاها في اوروبا في القرن السابع عشر ، اضافة الى الحروب والشتباكات التي نشبت لتحديد العلاقة بين الدين والدولة ، وهنا يحضرني ما كتبه الأكاديمي الأميركي أنطوني جيل في كتابه بعنوان « الأصول السياسية للحرية الدينية « حيث قال أن « حرية الأختيار الديني ليست سوى تراكم لقوانين ونصوص وضعها رجال السياسة بشكل يخدم مصالحهم ويحقق مآربهم «.
حاول الأكاديمي انطوني جيل الوصول الى حقيقة تؤكد أن السياسيين يوظفون المقدس باسم الحريات لتحقيق مصالح سياسية. وما يحدث على أرض العرب اليوم هو توظيف اقليمي ودولي للمقدس الأسلامي التي تستخدمه التنظيمات السياسية الأسلامية المتطرفة من أجل مصالح خارجية ولتحقيق اهداف سياسية تنتهي بتفكيك الدول الدول العربية وتقسيمها على قاعدة عرقية ومذهبية وقبلية وجهوية.
هذا المشروع المشبوه ظهر مع احتلال العراق ، حين اعلنت واشنطن عن ولادة «الفوضى الخلاقة « وبشرتنا باقرار مشروع الشرق الأوسط الجديد ، الذي تاخر أو تعرقل قليلا الا أن الآدارات الأميركية المتعاقبة ظلت تضعه في برنامجها وضمن اولوياتها. واذا كانت البداية في احتلال بغداد فمن المتوقع أن يبدأ المشروع بتقسيم العراق ، على يدي واشنطن ، الى ثلاثة اقاليم ، خصوصا بوجود خلافات عرقية ومذهبية لم تحاول الحكومات الضعيفة ايجاد حلول جذرية لها عبر مصالحة وطنية حقيقية تعيد العراق الى العراق.
وما يقلقنا أكثر هو أن الولايات المتحدة ، المشكوك بنواياها ، ومعها بعض الدول الأوروبية ، تسعى الى حلول عسكرية تصعيدية للصراعات الدامية في بلادنا العربية ، ولم تشارك بفرض حلول سياسية خصوصا في سوريا العراق ، وليبيا واليمن ، حتى أنها لم تقدم اية مساعدة لمصر في حربها على الآرهاب ، مع ضرورة الأشارة والتاكيد بأن هناك دولا اقليميا تريد استمرار الفوضى من اجل مصالحها وبهدف توسيع مجالها الحيوي على حساب الدول العربية ، حتى بتنا نرى في غياب الحكمة والعقل والوعي الوطني والقومي ، أن النظام العربي بكامله في خطر ويشبه النظام العربي في الأندلس ليلة سقوط قرطبة وغرناطة !!
الراي 2017-04-13