صعود وهبوط تركيا
مر وقت كانت فيه تركيا محل إعجاب العالم: نمو اقتصادي مرتفع ، وحريات عامة مقبولة ، مما شكل نموذجاً لما يستطيع نظام ذو توجيهات إسلامية أن يفعل اقتصادياً واجتماعياً.
لكن الرئيس رجب طيب أردوغان أخذ تركيا بالاتجاه الآخر لمجرد المحافظة على سلطته الشخصية وتأمين استمرارية نظامه. وربما الحلول محل القائد التاريخي المؤسس لتركيا الحديثة كمال أتاتورك.
أردوغان يريد إثارة إعجاب الناخب التركي وموافقته على تعديل الدستور ، والانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي ، فأخذ يضرب يميناً وشمالاً.
يتهم أردوغان ألمانيا بأنها دولة نازية ، وهولندا دولة فاشية ، أما النمسا وسويسرا فتحتاج لدروس في الديمقراطية كي تسمح لأردوغان بالقيام بحملته الانتخابية في تلك البلدان حيث يوجد مليونا تركي ممن يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء المقرر يوم 16 نيسان.
محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز 2016 أعطت أردوغان فرصة ذهبية ليبطش بخصومه ومعارضي سياساته ، وقد تجاوز عدد المعتقلين 40 ألف معتقل ، بينهم عسكريون وقضاة ونواب وصحفيون وموظفو حكومة ومعارضون.
تركيا تعاني من أزمة هوية ، فهل هي دولة إسلامية كما تدل شعارات الحزب الحاكم ، أم أوروبية كما يدل سعيها الحثيث لعضوية الاتحاد الأوروبي.
يقول المعلم عبد الكريم غرايبة رحمه الله: لا يكاد يوجد أتراك في تركيا ، فالجزء الشرقي يسكنه أكراد ، والجزء الجنوبي يسكنه عرب ، أما شمال وغرب تركيا فيسكنها أبناء وأحفاد الدولة البيزنطية اللذين لم يغادروا البلاد ولم يطردوا منها عندما سيطر عليها القائد التركي. هذا بالإضافة لأقليات عديدة أرمنية ويونانية وبوشناق وغيرهم.
عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي كانت دائماً حلماً بعيد المنال ، ولكن تركيا ظلت من الناحية الرسمية مرشحة لهذه العضوية ، وكان عليها تلبية 35 شرطاً لتصبح مؤهلة لعضوية أوروبا ، من هذه الشروط 14 شرطاً وضعت تحت البحث ولم تنجح تركيا في تلبية سوى شرط واحد منها خلال 18 عامأً وهناك 11 شرطاً آخر.
عضوية تركيا في الاتحاد الأرووبي تعني أن يتصل جغرافياً مع سوريا والعراق وإيران ، وأن يكون لثمانين مليون مسلم تركي حق التجول والإقامة في أوروبا ، وهذا آخر ما يريده الأوروبيون ، خاصة في هذا الوقت الذي تسود فيه الإسلاموفوبيا.
ماذا إذا لم ينجح الاستفتاء في إقرار النظام الرئاسي ، والجواب أنه سيعاد بعد بضعة اشهر ، تماماً كما حدث في الانتخابات النيابية حيث فشل حزب ارودغان في الحصول على الأغلبية المطلقة ، فما كان منه إلا أن أعاد الانتخابات بعد ثلاثة أشهر ، وحصل على ما يريد.
الراي 2017-04-16