ديك الطحين

تم نشره الثلاثاء 18 نيسان / أبريل 2017 01:30 صباحاً
ديك الطحين
رمزي الغزوي

كثيراً ما نحتال على أنفسنا فنسمي الأشياء بغير أسمائها، فالتجاعيد العرضية التي تتوالد على جوانب العيون، لا نسميها خطوط الزمن أو خثرات العمر، بل ندعوها من باب التفاؤل بخطوط الضحك وبصماته!، رغم أن كثيراً من تلك الوجوه قد أدمنها العبوس ولازمها البكاء لأمد مديد. 

وبذات الخطوط سيحلو للفقير المتأرجح بخط وهمي يرتفع سريعاً نحو هاوية لا قعر لها، سيحلو له القول: والله لو كان الفقر خط بارليف لمحوته بلعابي وأصابعي، لكن الفقر أكثر من خط، وأكبر أن يمحى ويقرض حتى بالأسنان والسنان، ومع ذلك تعجبنا هذه الخطوط، فلا يحلو لنا تصنيف فقرائنا ضمن عدد كبير منها فحسب، بل شاط الأمر إلى وضع طبقات لهم تبعاً لذلك: فهناك فقراء مكتفون، وفقراء مدبرون.

هناك فقراء مستورون، يؤثرون على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة، صابرون بانتظار الفرج، أو كاظمون على مضض، بعكس بعض الفقراء الشعبيين، الذين لا يحبون تسميات الحكومة ومصنفاتها، بخصوص الفقر وخطوطه الطولية والعرضية والكنتورية، فالكثير منهم يعجبهم أن يشبهوا حالاتهم الفقرية بمصطلحات لها وقعها الخاص.

فما زال كثيرون يتعاطون تعبير (على الجنط)، لوصف أوضاعهم الزاحفة، أي أن الحالة (مبنشرة)، ولا قدرة لهم على مواصلة المسير، حتى ولو جراً أو سحباً، ومن هذه الزاوية قد يجد أحد الأذكياء الفرصة سانحة ليتهكم: إن الذي يمتلك سيارة حتى لو كانت على الجنط، لا يستحق أن يحظى بلقب فقير.

ومن الفقراء من يصنف نفسه من الذين إذا ضربتهم في الجدار فلن (يرنون)، أي لن يصدر لاصطدامهم صوت، حتى لو كان كهسهسة النملة؛ فجيوبهم خالية من أي قرش أو معدن، وهنا يصطاد بعض النبهاء الحالة ويقول: يحق لهم أن لا يرنون، فكل عملتهم ورق بفئات عليا، أو بطاقات بنكية، أو فواتير مستحقة الدفع.

قديماً كان الفقراء يصفون فقرهم بلغة شاعرية، وصور محملة بكثير من الخيال، فكان شائعاً مثلاً أن فلاناً (يطحن على الديك)، أي أنه ولشدة فقره، فإن القمح الذي يأخذه إلى المطحنة يحمله الديك لقلته، بدل أن يحمله بغل أو جحش، وقد تنبثق من هذا التصنيف اللطيف حالة شديدة التعبير، عندما يعلن أحدهم، أنه اضطر لبيع ديكه الهزيل الممعوط الذي كان يطحن عليه.

الدستور 2017-04-18



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات