ترامب بعد 100 يوم
الأيام المائة الاولى من عهد أي رئيس ، لا يقصد بها إعطاؤه شهر عسل يتمتع فيه بالحصانة ، ويفعل فيه ما يشاء دون أن يتعرض للنقد والتجريح ، بل إعطاء الرئيس الجديد فرصة للتحرك بحرية لمعرفة معدنه.
فرصة الأيام المائة هي مهلة لتقييم الرئيس والحكم على أدائه ، ويبدو أن الأميركيين كانوا قساة مع ترامب إذ أن استطلاعات الرأي تعطيه أدنى مستوى وصل إليه رئيس جديد ، مما يعني أنهم ليسوا مبهورين بما يرون.
من ناحية أخرى فإن بعض المحللين يرون أن الرئيس غيـّر الكثير في سلوك البيت الأبيض ، فلم يلتزم بالتقاليد المرعية ، ولم ينطلق من السوابق والمواقف المعززة والمفروغ منها ، وحاول أن يظهر بمظهر البلدوزر الذي يكتسح كل من يقف في طريقه.
تقول نيويورك تايمز أن ترامب دخل البيت الأبيض قبل مائة يوم وفي ذهنه التعاون والتقارب مع روسيا ، والتصدي للصين ، وتوجيه ضربة لمؤسسة الحكم في واشنطن ، ولكنه لم يفعل شيئاً بهذه الاتجاهات.
يحب ترامب ان يوصف بأنه رئيس قوي ، ولكن بعض خصومه يصفونه بأنه نمر من ورق ، فهو متسرع وسخي في صرف التهديدات الشفهية ، ولكنه لا يحوّل التهديدات والخيارات المفتوحة تجاه كوريا الشمالية إلى وقائع فقد اكتفى بالاستعانة بالصين لكي تقنع الرئيس الكوري الشمالي بتغيير سلوكه تجاه صنع الأسلحة الذرية والصواريخ البالستية التي يستطيع من خلالها أن يهدد أميركا واليابان وكوريا الجنوبية.
ترامب له خبرة واسعة في التفاوض ، ومن هنا يبدأ بتقديم مطلب كبير لعله يحصل على مكسب ما ولو كان صغيراً ، وبشكل خاص يريد من حلفائه وجيرانه أن يدفعوا ثمن خدماته.
على المكسيك مثلاً ان تدفع كلفة الجدار الذي يعزلها عن الولايات المتحدة ، وعلى كوريا الجنوبية أن تدفع مليار دولار ثمن أنظمة الدفاع التي نصبتها أميركا للتصدي لاعتداء محتمل من طرف كوريا الشمالية ، وأخيراً وليس آخراً يطالب السعودية بان تدفع مليارات الدولارات مقابل الحماية التي توفرها أميركا تجاه المخاطر الخارجية وخاصة من طرف إيران.
سلوك ترامب هذا يشبه سلوك الفتوات أو البلطجية الذي يحصلون على إتاوات أو خاوات مقابل الحماية.
ترامب حاول أن يغير واشنطن ، ولكن يبدو أن واشنطن غيرته بأكثر مما تغيرت بسببه.
الرأي 2017-05-03