بالطبع .. لا لـ «الصَّدقة» الروسية !
من حق الأردن، بل كان عليه، أنْ يرفض العرض الروسي بالإشراف الأمني على منطقة «خفض التوتر» أو «عدم التصعيد» الجنوبية حسب قرار الـ «آستانة» الأخير الذي هو في حقيقة الأمر قرار الروس وحدهم وبمشاركة شكلية إيرانية وتركية فالمملكة الأردنية الهاشمية بقيت تتحمل كل أعباء هذه الجبهة الجنوبية التي بقيت مستهدفة ولأكثر من ست سنوات من حزب الله اللبناني ومن الميليشيات الطائفية التي إستوردها الإيرانيون لذبح الشعب السوري وأيضاً من «داعش» والنصرة وباقي التنظيمات الإرهابية .
فـ «الصدقة السياسية»، لرفع العتب، بالنسبة للأردن مرفوضة رفضاً مطلقاً وكان على الروس ألاّ يتعاملوا مع الأردنيين حول هذه المسالة الهامة جداًّ من خلال الإذاعات ووكالات الأنباء والمحطات الفضائية.. لقد كان عليهم أنْ يطرحوا هذه القضية الهامة في إجتماع الـ «آستانة» وكان عليهم قبل إعتماد الوسائل الإعلامية لإبلاغ الدولة الأردنية بقرارهم هذا أن يناقشوه مع المسؤولين الأردنيين وبخاصة وهم يعرفون أنه تترتب عليه تبعات عسكرية كثيرة بقيت القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي تقوم بها خلال كل سنوات الأزمة السورية التي تجاوزت الستة أعوام .
وبالأساس فإنه ما كان يجب أن تكون مشاركة الأردن في الـ «آستانة» بوفد مراقب فقط طالما أنها دولة مجاورة لسوريا بقيت تتحمل عبئاً كبيراً خلال كل أعوام أزمتها الطاحنة ولا تزال وطالما أن دولة كإيران المتورطة في هذا الصراع المدمِّر إلى جانب نظام بشار الأسد حتى ذروة رأسها عضو أساسي في هذه اللقاءات وطالما أنها أصبحت دولة محتلة ودولة إستيطانية يجب أن تتعامل معاملة هذا النظام نفسه ويجب أن ينطبق عليها ما ينطبق عليه ... بل وأكثر .
والمستغرب حقاً أن الولايات المتحدة الدولة الأكبر والأقوى في الكرة الأرضية كلها قد قبلت، حتى بعد رحيل إدارة أوباما البائسة ومجيء هذه الإدارة التي «تقدح عيونها شراراً» بالتخلي عن دورها المفترض وتقبل بالمشاركة في إجتماع الـ «آستانة» كدولة مراقبة مهيضة الجناح إقتصر دورها على مجرد الإستماع لمحاضرات لافروف وتوجيهاته ... بل وأوامره ومجرد تهدئة وفد «المعارضة» الذي إعترض على أن يكون «حاميها حراميها» وأن يُسمح لإيران بأن تكون إحدى الدول الضامنة .. «ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى .. عدواً له ليس من صداقته بُدُّ» .
لقد أثبتت روسيا حتى بعد مجيء إدارة دونالد ترمب أنها صاحبة الحول والطول في الشرق الأوسط كله.. وإلاّ ما معنى أن يكون القرار السوري.. في كل شيء هو قرارها وأنها هي التي تتولى مهمة توزيع «الصدقات السياسية « على من تشاء وتحرم من تشاء.. إذْ أنَّ كل ما جرى في إجتماع الـ «آستانة» الأخير وفي كل الإجتماعات السابقة هو قرارها وأن الوفد الأميركي الذي تم التكرم عليه بأن يكون مراقباً قد إقتصر دوره سابقاً ولاحقاً على المراقبة وعلى :»العين بصيرة واليد قصيرة» .
لم يكتف الروس بأنهم قد أملوا على كل مجموعة الـ «آستانة» المراقبين وغير المراقبين كل ما يريدونه فهم قدموا روسيا كدولة «محايدة» وكذلك إيران وهم قد ذهبوا بعيداً في تحدي الأميركيين الذين قبلوا بالإستمرار بهذا الدور الثانوي «المراقب» عندما أعلنوا أنه ممنوع على طيران التحالف الدولي، الذي تشكل الولايات المتحدة عموده الفقري، التحليق في هذه المناطق الأربع التي لا هي آمنة ولا هم يحزنون.. والتي حسب القرار الروسي هي مجرد مناطق أقل توتراً ومخففة التصعيد !!.
الرأي 2017-05-07