الخطة.. بين المرغوب والمطلوب
في تقييم الخطط الاقتصادية مرحلتان: الأولى تقييـــم الخطة من حيث جودتها ، وتغطيتها لكافة الجوانب ، ونظام الأولويات الذي يظهر فيها صراحة أو ضمناً ، وقابليتها للتنفيذ ضمن الإمكانيات المتاحة.
مثل هذا التقييم ظهر فعلاً وبسرعة كبيرة ، ففي اليوم التالي وقبل أن يكتمل نشر التفاصيل صدرت في الصحف تقييمات إيجابية ، خالية من التحفظات. وما زال الوقت متسعاً للمزيد من التعليق حتى لا نقول التقييم.
المرحلة الثانيـة من التقييم تتعلق بحسن التنفيذ وتحقيق النتائج المرجوة ، فلا يكفي أن تكون الخطة جيدة ، وليس لمثل هذا التقييم مجال قبل مرور سنة على الأقل من البدء في التنفيذ ، على أن يكون التقييم النهائي بعد انتهاء الخطة أي بعد خمس سنوات.
في هذا المجال لا بد للاعتراف بالحنكة لمعدي الخطة ، فلم يلتزموا بجدول زمني للإجراءات المطلوبة والنتائج المحققة ، واستفادوا من التجارب السابقة وآخرها الرؤية العشرية ، التي ظهر فشلها من السنة الأولى.
مع ذلك فإن الجدول الزمني يظل مطلوباً على الأقل فيما يخص الإجراءات الرئيسية والمشاريع الحكومية ، واستثمارات القطاع الخاص ، وبغير ذلك فإننا نخاطر بضياع خمس سنوات.
في مجال التقييم لا بد من ملاحظة أن معظم الإجراءات المطلوبة تحت كل قطاع لم تميز بين العمل المطلوب والنتيجة المطلوبة ، فركزت على النتائج المرغوب فيها ، والتي لا خلاف عليها ، أما وسائل تحقيق هذه النتائج فجاءت بشكل عموميات.
للوهلة الأولى يبــدو كأن الحكومة قامت بمغامرة كبيرة أخذت على عاتقها الالتزام بالخطة وتنفيذها بدقة ، لكن لا يبدو على الوزراء أنهم متخوفون من ثقل المسؤولية ، فهذه الأهداف والإجراءات هي ما تعمل لها وزاراتهم وتحقق درجات مختلفة من النجاح والفشل.
المطلوب من وزارة المالية مثلاً أن تقوم بما كانت دائماً تقول أنها تقوم به مثل: انتهاج سياسة مالية (فعالة) بصورة أكثر (كفاءة) و(تعزيز) شبكة الأمان الاجتماعي ، و(تحفيز) القطاعات الاقتصادية ، والأخذ بعين الاعتبار الحالة الاقتصادية الكلية والدورة الاقتصادية ، والمتغيرات الخارجية ، وتغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية ، والالتزام بالجدوى الاقتصادية، ترشيد النفقات الجارية ، وعدم فرض أية ضريبة إلا بقانون ، ورفع كفاءة التحصيلات ، وترشيد الاستثناءات ، وزيادة كفاءة التحصيل ، ومحاربة التهرب...
في هذا المجال يستطيع وزير المالية الآن وبعد خمس سنوات أن يقول بأن هذه هي الأهداف والسياسات التي تمارسها وزارة المالية على درجات متفاوتة من النجاح وأن الخطة لا تلزمه بغير ذلك.
الراي 2017-05-10