مدونة السلوك المناهض للكراهية
تؤشر الحياة اليومية إلى فائض من الكراهية والعنف المادي والرمزي، في الكتابة والأحاديث والمجالس والعبادة وقيادة المركبات والعلاقات الاجتماعية والأسرية، والكثير من مؤشرات الكراهية تستخدم على نحو متقبل ومتواطَأ عليه، ولا نتوقف عندها، مثل الاستعارات المستخدمة للذم والاحتقار والكراهية أو الاعتزاز والتقدير، على الرغم من أنها مفاهيم وتسميات تدل على حالة محددة وبحياد، ومن ذلك على سبيل المثال استخدام مجموعة إثنية أو سكانية أو دينية على سبيل الذم والكراهية والسخرية؛ يهود، نور، غجر، بدو، فلاحون، زنوج، أو استخدام اللون على سبيل الذم والإهانة أو المدح والاعتزاز؛ أسود وأبيض، ومن الملفت في الثقافة الشعبية أننا نستخدم أخضراني بدلا من أسود، وأحمر بدلا من أبيض وذلك لتحييد الشعور أو الدلالة المصاحبة لاستخدام اللون، ونقول على نحو عفوي سود الله وجهك، أو بيض الله وجهك، دون ملاحظة الإساءة المصاحبة للاستخدام لفئة واسعة بريئة من الناس، ونستخدم أيضا وظائف وأعمالا للدلالة على الإهانة والسخرية والجهل وعدم المعرفة، ونستخدم الجنس (رجل أو امرأة) على سبيل المدح أو الاعتزاز أو الإهانة والشتيمة، ونؤشر باستخدام الأمراض للدلالة السياسية أو الاجتماعية أو الشتيمة والاحتقار؛ معوق، مريض، مريض نفسيا، مصروع، أو تعيير الناس بحالتهم الطبيعية، أعور، أعمى، قصير، سمين، نحيف، قزم، شايب، مراهق، عجوز، مطلقة، أرملة، مجهول النسب، وهناك استخدام للحالات الاجتماعية والاقتصادية على سبيل الإهانة أو الاعتزاز، فقير أو غني، شيخ صعلوك، وهناك استخدام كاسح لدرجة يصعب انتقادها لمهن وأعمال واتجاهات اجتماعية وسلوكية على سبيل التحقير والشتم؛ العاملون في المجالات الفنية والترفيه؛ الرقص والغناء،.. والتحريض على مرتكبي الجنايات بعد محاكمتهم وتطبيق القانون عليهم، وهناك أيضا التنابز بالألقاب واستخدامها وإطلاقها على نحو يلحق إساءة بالناس، وقد يلتصق اللقب بأحد او فئة حتى يصير أكثر شهرة من الاسم، ومن الواضح اليوم أن كثيرا من أسماء العائلات التي صارت معتمدة وموثقة هي في أصلها ألقاب وأوصاف أطلقها الناس. وتفيض النكات الشعبية والأمثال المتداولة بوصف الناس بصفات نمطية تعمَّم ظلما على فئة من الناس أو أهل مدينة أو منطقة، مثل البخل والدهاء والغباء.
حان الوقت للتصدي والعمل لأجل وقف استخدام جميع الحالات والأمثلة السابقة وغيرها في الكتابة والمجالس والصحافة والإعلام، وهنا يجب التذكير بضرورة مراجعة الوعظ الديني والدعاء لوقف الكراهية والانحياز تجاه أية فئة من الأديان والناس حتى لو كانوا أعداء، فالعداء غير الكراهية، والعداء لدولة أو جماعة أو فئة وحتى قتالها لا يجيز كراهيتها. لكن المقلق والمخيف هو الدعاء في المساجد على فئة من المواطنين أو فئة من الناس ليسوا جميعا أعداء، او أن عداءهم ليس مستمدا من دينهم أو انتمائهم الاثني ولكنه عداء سياسي ليس باقيا بالضرورة وقد يتغير.
إن الزج بالدين والثقافة في الصراعات السياسية وفي تكريس الكراهية للآخرين والاشمئزاز منهم يزيد الصراع حدة من غير فائدة، ويقلل فرص التسوية والمصالحة، ويطيل أمد الحروب والآلام، ويساهم في تفكيك المجتمعات وانقسامها، ويخفض مستوى الثقة في الحياة اليومية والأسواق؛ ما يلحق ضررا بالمصالح والأعمال، كل ذلك من غير فائدة أو مقابل!
الغد 2017-05-10