وماذا عن اللاجئين السوريين؟
يبدو أن هناك اتفاقاً بين القوى العالمية الرئيسية مفاده أنه قد حان الوقت لتسوية النزاع في سورية، فبعد مؤتمر تم تحديد عدد من المناطق الآمنة لخفض التوتر العسكري من أجل الوصول الى استقرار في وقف إطلاق النار، وتمهيد الظروف لتسوية سياسية تنهي النزاع الدائر في سورية منذ سنوات عدة.
أمس أيضاً التقى لافروف وزير خارجية روسيا الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته ومحور الحديث هو سورية. كذلك، أعلن مبعوث سورية في الأمم المتحدة عن استئناف مؤتمر جنيف الأسبوع المقبل. بالتأكيد نحن لسنا أمام حل سريع للأزمة في سورية، ولكن من الواضح أيضاً أن قطار التسوية قد انطلق، والمسألة تحتاج لوقت للتوصل الى حل نهائي.
لقد كان من أهم النتائج الكارثية للأزمة السورية هو العدد الكبير جداً من اللاجئين السوريين؛ إذ تشير التقديرات المتواضعة لعدد اللاجئين السوريين أنها تتراوح بين عشرة واثني عشر مليون لاجئ سوري نصفهم مهجر داخلياً، والنصف الآخر في دول الجوار والعالم.
لا يوجد حديث حتى الآن، بالرغم من كل المشاورات السياسية، أو نقاش أو ذكر لمستقبل هؤلاء اللاجئين، وموقفهم من التسوية السياسية، وحقوقهم ومستقبلهم.
إن أي تسوية سياسية من دون إدماج قضية اللاجئين سوف تكون لها آثار سلبية كبيرة ليس فقط على اللاجئين أنفسهم، وإنما أيضاً لمستقبل التسوية السياسية نفسها. وإذا كانت التسوية السياسية تهدف الى تحقيق السلام، فلا بد من أن تكون مصالح اللاجئين وحقوقهم جزءاً لا يتجزأ من هذه التسوية؛ لأن عدم أخذ هذه المسألة بالحسبان قد يحدّ من رغبة وقدرة اللاجئين السوريين في الدول المجاورة على عودتهم لبلدهم سورية. كذلك، فإن أي تسوية لا بد من أن تركز على حقوق اللاجئين ومصالحهم في بلدانهم والتي تعرضت للدمار والتعدي خلال غيابهم عن منازلهم وملكياتهم خلال فترة الهجرة.
التسوية النهائية كذلك، يجب أن تأخذ مسألة التعليم للاجئين بدرجة عالية من الجدية، وتضعها ضمن الأولويات حتى تتمكن من إعادة دمجهم في المجتمع السوري. اللاجئون السوريون خارج سورية عانوا، على الأقل، في البداية وفي بعض البلدان وليس كلها؛ إذ لم تتوفر المدارس بالشكل الكافي لهم؛ فهناك أعداد ضخمة من الأطفال والشباب الذين لم يحصلوا على التعليم في بلدان المهجر، فضلاً عن دراسة الكثير منهم في تلك الدول لمناهج غير سورية. وعليه، قد تكون هناك ضرورة لبلورة سياسات وبرامج خاصة بإعادة إدماجهم في النظام التعليمي لسورية ما بعد الصراع. هذا بالطبع قد يتطلب إصلاح التعليم في سورية، ووضعه بوصفه أولوية في عملية التسوية السياسة.
إن قطار التسوية السياسية في سورية قد انطلق أو على وشك الانطلاق. والقوى السياسية مشغولة في ترتيب مصالحها من خلال هذه التسوية. لكن التسوية السياسية لن تكون ناجحة أو مكتملة من دون وضع اللاجئين السوريين على سُلّم أولوياتها، فملايين السوريين من المهجرين والمشردين داخل سورية وخارجها ينتظرون بفارغ الصبر نهاية لهذا الصراع المدمر، ولا بد للتسوية السياسية من أن تأخذهم ومصالحهم بالاعتبار، وتضع تصورات لكيفية إدماجهم من جديد: اقتصادياً؛ واجتماعياً؛ وسياسياً.
الغد 2017-05-11