في معنى «الأمة الوسط»
يرى الاستاذ الدكتور محمد ابو موسى، عضو هيئة كبار العلماء في مصر، ان «الوسطية» هي «العدل» وذلك بمقتضى ما جاء في الحديث الذي رواه الإمام احمد من ان الوسط هو العدل.
ويقول الدكتور ابو موسى إنه اذا ذهب العدل عن حياة الناس وحلّ محله الظلم فان الأمة لم تعد «أمة وسطاً» بل انحرفت عن نقطة الميزان والقسطاس المستقيم وصارت الى العوج والضياع، وما انتشر الظلم في دولة الا ذلت.
فالوسطية اذن، بحسب عالمنا الجليل هي «العدل» او برهان الخيرية التي كانت من ثناء الله علينا «كنت خير أمة».
والوسطية عند الإمام النورسي هي «الاستقامة» في انفع الطرق وأيسرها وأقصرها من بين جميع الطرق المسلوكة في حياة الانسان الشخصية والاجتماعية.
والوسطية كما يراها كاتب هذه السطور هي القدرة على الشهادة على الناس والحكم بينهم بالحق بما يتطلبه ذلك من علم وحكمة ومن علوّ في المعارف والأخلاق.
وسواء أكانت الوسطية هي «العدل» ام «الاستقامة» ام «التميز المعرفي والاخلاقي» فهي تتطلب قوة في الارادة وصلابة في الحق وعدم تهاون فيه.
و»الأمة الوسط» المستحقة لفضيلة الشهادة على الناس هي الأمة المتمسكة بدينها ويقينها، والتي تأخذ ما آتاها الله بقوة ولا تقبل الدنيّة فيه، وهي الأمة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ولا تأخذها في الحق لومة لائم ولا سطوة جبّار.
ولقد يراد لنا ان ننحرف بدلالة «الأمة الوسط» عن موضعها، وان نعزلها عن سياقها، وان نوظفها، بَعْدَ هذا التشويه لتأخذ معنى الادهان والمطاوعة وميوعة المواقف والحيرة المتلددة «لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء»، ولكنّ هذا لا يعدو ان يكون كيداً مردوداً وان سُخّر له الرفد المرفود والصنائع الشهود.
ان ارتباط الوسطية بالخيرية وبالعلو المعرفي والاخلاقي، وبالقدرة على الشهادة، هو برهان قرآنيتها واسلاميّتها. وليس دون ذلك الا لغو الحديث وسمادير الأوهام التي يضلّ بها أقوام وأقوام.
الراي 2017-05-14