أعداء أنفسهم !!
سهل علينا تصنيف الدول والشعوب في هذا العالم الى مؤيدين لقضايانا العربية او منحازين لإسرائيل، لكن الاصعب من ذلك هو الحلقة المفقودة من المعادلة والتي يسعى العرب الى تجنب الخوض فيها، وهي ما الذي يفعلونه لقضاياهم اولا، وهل هم منحازون لأنفسهم او متطوعون للعمل ضدها على اختلاف النوايا والاساليب .
وحين سمعت ما قاله الكاتب الفرنسي ألان غريش رئيس التحرير الاسبق لصحيفة لوموند دبلوماتيك وهو ان السفارة الاسرائيلية في اية عاصمة اوروبية تعمل اضعاف ما تعمله السفارات العربية مجتمعة، شعرت على الفور بالحاجة الى حاسبة، ما دامت المقارنة قد اصبحت بالارقام، فمقابل كل اسرائيلي في معادلة الصراع هناك ستون عربيا ومقابل الصحيفة الواحدة هناك مئات الصحف، ومقابل كل وزير هناك اثنان وعشرون وزيرا والحبل على الجرار ! فالغرب كالشرق والجنوب والشمال لا يكون كاثوليكيا اكثر من البابا او عربيا اكثر من العرب او فلسطينيا يزايد على الفلسطينيين، نعرف ان لكل دولة مصالحها وبالتالي ما يحكم اتجاه بوصلتها السياسية، لكن البوصلة الاخلاقية لا تخضع للنفوذ ذاته، والدليل هو ما نسمعه ونقرأه من مثقفين وناشطين واكاديميين غربيين، بدءا من مقاطعة اسرائيل وانتهاء بتجريمها وليس ادانتها فقط !!
ومن الواضح ان العرب تعاملوا مع مختلف قضاياهم الوطنية ومنها ما هو مصيري باستخفاف يدفع الاخرين الى مراجعة انفسهم ومواقفهم . وما قاله الان غريش بالعربي الفصيح وليس فقط بالفرنسي لأنه يتقن اللغة العربية سبق ان قاله مثقفون من مختلف انحاء العالم ومن اوروبا بالتحديد، وهو قصور العرب في شرح قضاياهم، ومن وصف العرب بأنهم محامون رديئون وعلى موعد محتم مع الخسارة لقضايا عادلة !
والضحية التي تتوسل من ينوب عنها حتى في الأنين هي ضحية خرساء وتساهم في ان تكون الجريمة ضدها كاملة، وقد سئمنا من اطروحة ساذجة ومتكررة تصنّف الشعوب الى اصدقاء واعداء واعدقاء، ومن ليس له ظفر يحك به جلده عليه ان يدير ظهره للاظافر والانياب والمخالب كلها ولا يلوم غير نفسه !!
الدستور 2017-05-14