عن الوعي الوطني والفضاء العربي المستباح !!

تم نشره الخميس 18 أيّار / مايو 2017 12:48 صباحاً
عن الوعي الوطني والفضاء العربي المستباح !!
محمد كعوش

صحوت من قيلولة مابعد الظهر لأودع النهار بعد زيارته القصيرة، شعرت بسلام مع النفس لأنني غير محاصر بالوقت الذي يأذن لي باستراحة قصيرة كل يوم، أخالها آخر دقيقة من الزمن، لذلك استغل هذه النعمة الزمنية فامارس كسلي حسب الأصول في فردوس الصمت، واحلم متسلحا بشيء من الأمل، في محاولة للخروج من مربع الأمر الواقع حيث تطل امتنا كلها على صحراء يلفها الغموض والبؤس واليأس والتوتر.

لجأت الى الهاتف المحمول، خشية التوغل في الخلوة والعزلة والوحدة، وكما قال أجدادنا: « قلة الشغل بتعلم التطريز». الهاتف اليوم يستطيع أن يخرجك من عزلتك فهو وسيلة الاتصال والتواصل مع الناس، وبيت الأسرار والمعلومة والمعرفة والتسلية، هو اقرب الى مكتبة علمية للذين يدركون قيمة المعرفة.

تجولت بين نوافذ الهاتف وابوابه، وتابعت بعض ما يدونه ويكتبه المشتركون والمشاركون في النقاش والحوار والتعليق ونشر المعلومة والصورة، فلاحظت ان التكنولوجيا المهمة للانسان في حياته المعاصرة الخطيرة يتم استخدامها في معظم الأحيان للتسلية وقتل الوقت أو للدردشة الفارغة لأمور خطيرة مثل التحريض واثارة الفتن، أو التشهير بالناس بعبارات مبتذلة دون أي احترام خصوصيات وحريات الآخرين.

اللافت أننا نستخدم التكنولوجيا للشر اكثر ما نستخدمها للخير والمنفعة. وما قرأته على صفحات الفيسبوك والواتساب من تعليقات وردود يعطينا صورة واقعية ثابتة عن تراجع مستوى الوعي الوطني والقومي عند الكثيرين، كذلك الهبوط في السلوك والتقاليد والقيم الأخلاقية والانسانية في هذا الزمن الذي يتهاوى فيه كل شيء.

اقفلت الهاتف المحمول والتفت الى شاشة التلفاز، لاحظت انني اشاهد واتابع عددا قليلا من المحطات الفضائية، في حين قائمة القمر الواحد تحتوي على أكثر من ألف فضائية، فقررت أن أكتشف كل ما تحتويه هذه الشاشة من محطات، وجدت أن معظم الفضائيات مخصصة للتبشير الديني أو الأغاني الهابطة، أو محطات الشعوذة وممارسة الطب العشوائي تحت مسمى الطب الشعبي البديل الذي يشفي من السرطان وكل أنواع الأمراض.

الفن الهابط لا يحتاج الى تعليق رغم مشاركته في تخريب الذوق والحس والنفس، ولكن الأخطر أن نجد لكل طائفة محطة تلفزيونية، ولكل مذهب او عرق فضائية، ومعظمها يقوم بالحشد والتعبئة والتحريض ضد الآخر، بشكل يدخل « داعش « الى كل بيت. وأعتقد أن هذه المحطات لا تخضع لرقابة او قانون أو نظام، ولا استبعد ارتباط بعضها او معظمها بتنظيمات عقائدية او عرقية مسلحة متطرفة.

هناك أجماع على ضرورة محاربة التنظيمات المتطرفة بالسلاح والأعلام والفكر، ولكن كيف ستنجح المعركة الأعلامية والفكرية والتربوية ضد الفكر الديني المتطرف في حين يسمح لهذه المحطات بنشر خطابها السياسي الديني المتعصب على الهواء؟!

اسئلة كثيرة تراود المشاهد وتدور في خلده، وفي المقدمة السؤال الذي نسأله مرارا وتكرارا حول مصادر تمويل التنظيمات المتطرفة المسلحة، فمن يمول هذه الفضائيات التي تبث على مدار الساعة دون اعلانات او مصدر دخل معلن؟! يجب ان نعرف أن الفضائيات المحرضة مذهبيا قادرة على جلب البسطاء باستخدام المقدس، بحيث يقع في شباكها الكثير من المضللين الذين يتحولون الى فئة متعصبة تنخر في نسيج المجتمع الواحد، وتتحول الى خلايا نائمة تستيقظ وقت الحاجة.

يبقى السؤال الأهم: الى متى سيبقى الفضاء العربي مباحاً أو مستباحاً أمام الأرهاب، وهل هناك قوانين وأنظمة تضبط وتربط وتراقب وتحاسب، أم أن هذه الفوضى هي من التفاصيل الشيطانية لمشروع «الفوضى الهدامة « وما يسمى الربيع العربي، بهدف استمرار تخريب وتفكيك الدول وهدم المجتمعات على قاعدة طائفية ومذهبية؟!

الراي 2017-05-18



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات