التفكيك الموازي للارهاب !!
كما ان للارهاب ثقافته وتربوياته المضادة لكل ما افرزته الخبرات البشرية والحضارات من منظومات مفاهيم وقيم، فإن له ايضا علم النفس الخاص به، لأن امراضا وشذوذات كالسادية والماسوشية وحتى النكروفيلية وهي عشق رائحة العظام عندما تتحول الى رميم هي من صميم مكونات المُصاب نفسيا، وللارهاب اقتصاده ايضا، لأنه يتبنى نمط انتاج يتأسس على الغزو والغنائم اضافة الى الاسواق السوداء بمختلف اشكالها، لهذا فان الاقتصار على المقاربة السياسية او الايديولوجية فقط للإرهاب تحذف عناصر اساسية من مكوناته، فهو لا يعاني من الجهل بمعناه البريء لأنه يقدم معرفة مضادة تكرس الوعي السالب، ومن خلال هذه المعرفة يحاول احتكار الحقائق وبالتالي اقصاء بل اعدام الآخر المختلف .
وقبل ان يصبح مصطلح الارهاب رائجا ومتداولا عبر الميديا على هذا النحو ظهرت في الغرب دراسات عديدة اجتماعية ونفسية كان مجالها البحث عن دوافع العدوان، لكن الاحداث التي تنسب الى الارهاب كانت فردية ومتباعدة الى حدّ ما ولم يكن الفيروس استشرى كما هو الان؛ ما يتطلب بالضرورة اعادة نظر في تلك الدراسات بحيث تتجاوز الفرد الى الظاهرة، لكن ما ينشر الان من دراسات حول الإرهاب غالبا ما يرتهن لمحاولة تجنيسه او منحه هوية كأن تكون عربية اسلامية او للمنابع التي تغذيه، وما يقال عن تجفيف مستنقعاته يجب ان يتخطى التمويل والتخطيط والتحكم عن بُعد الى عمق الثقافة، لأن ضحايا هذا التجهيل الممنهج والمبرمج محجور على عقولهم، ومحظور عليهم التواصل مع ايّ مصادر معرفية وتاريخية غير ما قرره فُقهاؤهم، وما يتردد الان خصوصا في تونس عن خطورة عودة الارهابيين بعد تفكيك اماكن تجمّعهم يطرح سؤالا بالغ الاهمية حول اعادة التأهيل وهذه مهمة شاقة وعسيرة لأن من ادمن القتل والذبح والانتهاك يحتاج كأي مدمن آخر الى علاج نفسي وعضوي طويل الامد .
وهناك تفكيك للارهاب يجب ان يكون متقدما او موازيا على الاقل لتفكيكه ميدانيا وامنيا هو تفكيك مرجعياته ومعجم تربوياته وكذلك منظومة اقتصاده الاسود الذي يحوّل الدم الى نمط انتاج والتدمير الى غنائم، لأن رهانه شمشوني بامتياز !!
الدستور 2017-06-04