إنه الخامس من حزيران.. هل تذكرون؟!
اليوم تصادف الذكرى الخمسون لاحتلال الكيان الصهيوني كامل أراضي فلسطين بعد ان أوقع هزيمة بالجيوش العربية، فاستولت جيوشه على قطاع عزة الذي كان يتبع للإدارة المصرية، كما استولت على هضبة الجولان التابعة لسورية، والضفة الغربية التي كانت في وحدة منذ العام 1950 مع الأردن.
وقت ذاك أحكم الكيان الصهيوني في حربه التي استمرت 6 أيام فقط قبضته على كل فلسطين بعد أن كان قد احتل في العام 1948 على الجزء الأكبر منها، ثم عاد العام 1967 لاحتلال ما تبقى، ومنها مدينة القدس ومسجدها الأقصى مسرى الرسول ومعراجه، وكنيسة القيامة ومدينة بيت لحم مهد السيد المسيح، والحرم الإبراهيمي في الخليل مرقد أبي الأنبياء إبراهيم.
ولأن العرب يحبذون دوما تجميل المصطلحات فقد أطلقوا على هزيمة حزيران (نكسة)، بدل (هزيمة) على أمل الاستفاقة مما حصل، بيد أن تلك الاستفاقة لم تحصل حتى اليوم، وماتزال الأجيال تلو الأجيال تنتظر العرب حتى يفيقوا، والأدهى والأكثر إيلاما أن حالة النوم تواصلت حتى باتت حواضن العرب كدمشق وبغداد والقاهرة معرضة للغياب أيضا جراء حالة التوهان التي يعيشها العرب.
مرت 50 عاما وكأنها أمس، فحال العرب لم يتبدل، فماتزال هزائمهم تتوالى، هزيمة تتلو أخرى، ومانزال نبحث في قواميس اللغة عن مبادرات سلمية نقدمها للصهاينة الذين يرفضون المبادرة تلو الأخرى، ويواصلون سياساتهم الاستيطانية التوسعية، وقضم الأراضي ومصادرة البيوت وهدمها، وقتل الأطفال والشباب، وتعذيب الأسرى، وانتهاك حرمة المقدسات، والقتل والإبادة وعدم الانصياع لكل القرارات الدولية.
أغلب الظن أن الكثير من العربان لم يعد يتذكر ماذا يعني الخامس من حزيران، وأغلبهم يريدون إغماض العين عما جرى فيه، وسوادهم يمني النفس أن يخرج عليه مارد المصباح ليس لكي يطلب منه إعادة فلسطين للحضن العربي، ولكن لكي يطلب منه محو التاريخ من الذاكرة وكأنه لم يكن.
مخجل ما جرى في حزيران 1967، والمخجل أكثر حالة الصمت التي تمارس حتى يومنا هذا واستجداء سلام من كيان فاشي يظهر يوميا رفضه لكل المحاولات السلمية التي أطلقها العرب وكل محاولات مد اليد السلمية التي ظهرت منذ عشرات السنين وحتى اليوم.
دفن الرؤوس في الرمال، وعدم الاعتراف بحالة التوهان التي تعيشها الأمة من محيطها إلى خليجها لا يعفينا من رؤية احتلال يقبع على أقدس المقدسات العربية والإسلامية والمسيحية ويدنسها يوميا.
إنه الخامس من حزيران، ذكرى هزيمة أو نكسة كما يحلو للعرب تسميتها، والأهم أننا بتنا في حال أسوأ وأصبحنا، بدلا من معالجة نكسة، نسعى لمعالجة نكسات تسكننا في كل مكان، فحال شامنا لا يرضي عدوا ولا صديق، وبغدادنا عانت وتعاني مخاطر التقسيم وخلافه من مخططات دولية، ومصرنا التي كنا نتغنى دوما بدخولنا إليها آمنين لم تعد آمنة على أبنائها وسكانها جراء قوى الظلام التي استوطنت في كل شبر عربي وماتزال، وفي اليمن أطفال يموتون ونساء ترمل ومجاعة يعاني منها الجميع هناك، رغم أن جزءا صغيرا من ثروات العرب يكفي لإطعام جياع العالم العربي وليس فقط جياع اليمن.
للأسف نكستنا مستمرة.. والخامس من حزيران يتوسع يوما بعد يوم.
الغد 2017-06-05