«أم فـرح »مهددة بالسجن لأنها فقيرة
لربما لا يقدر كثيرون المصائب والويلات الاجتماعية التي خلفتها «سياسة الاقراض والتسهيلات المالية» التي تطارد مآسيها وويلاتها المدمرة قضائيا واجتماعيا ومعيشيا اسرا فقيرة ومعدومة، الامر ليس بالسهولة تصديقه دون معاينة حكايا مؤلمة وبائسة وحزينة والاستماع الى تفاصيلها.
ومن المؤكد دون أن نتوغل في تفاصيل الارقام الفاضحة أن الفئة الاكثر تضررا هي الشرائح الرازحة تحت خط الفقر والمعدومين جراء سياسة الاقراض التي تنهجها مؤسسات تمويلية، تلك الفئة التي تستعمل حطبا يوقد غرائز يحتمي بها من ينصبون انفسهم «اولياء واوصياء» على الشعب المسكين، حيث يستغلون عوز وحاجة وقلة حيلة وانين الاسر الفقيرة والمعدومة، التي لا تجد الا بالاقتراض سبيلا لدفع اجرة منزل وشراء كسوة للاطفال ليذهبوا الى المدارس، وما أن يفتح القرض حتى تبقى الاسرة يوميا رازحة تحت كبوة مديونية لا ينقضي سدادها.
أم فرح سيدة زرقاوية، أم لطفلين، وحامل في شهرها التاسع، وزوجها بلا عمل وفقد وظيفته في شركة خاصة منذ عام 2015 لانه مريض نفسي. العائلة مهددة بالطرد من منزل مستأجر بـ110 دنانير، والحبس لـ»ربة المنزل» التي وقعت ضحية لاقتراضها من مؤسسة تمويل قروض صغيرة.
لم تكن تعلم أن اقتراض مبلغ « الف دينار» سيتحول الى كابوس، فالحبس بانتظارها، وهي لا تملك من المال الكافي لسد رمق اطفالها، ولا المال الكافي لاجراء عملية ولادة قيصرية كما تقول، وهي في شهر الحمل التاسع.
وهكذا يمكن القول أن عائلة شردت ودمرت، ويمكن القول ان المال يجنب الانسان السجن ومن لا يملك المال لا تلد زوجته وام اولاده في مستشفى، واولاده يموتون من الجوع، ومن لا يملك المال فترى ان السجن هو مصيره الحتمي.
«ام فرح « لم تخرج صرختها الا بعد عسر حال، فهي عملت في صالة افراح وكابدت لتأمين لقمة «عيش حلال « لأولادها وزوجها المريض، هكذا هي الام العظيمة بالتضحية تفعل كل شيء واي شيء من اجل اولادها واسرتها، ولكنها، وقد توقفت الان عن العمل وذلك بسبب « الحمل» وانتظار العائلة المعدومة والعاجزة عن فعل شيء لمولود جديد.
صرخة وطلب « ام فرح» للعون والاغاثة من اهل الخير ليست منقطعة الوصل، ولكنه بأبسط التقديرات حال الاف من عوائل اردنية لا تظفر بتوفير قوتها اليومي، ولربما أكثر ما هو غير مدرك في صور الفقر القديم والجديد، تلك العوائل التي تقع ضحية لمؤسسات وصناديق الاقراض.
حكاية معاناة « ام فرح « وما يشابهها من حكايا اخرى عن فقر فاضح، فإن أدعيتها وصرخات ندبها ولطمها وآلامها تلعن كل من يسمعها دون أن يستفيق ضميره للظلم الجارح الذي يصيب فقراء ومعدومين وضعفاء -لا حول ولا قوة- بيدهم مما اصاب حياتهم وعيشهم من فقر وعوز وقلة حيلة.
الدستور - الثلاثاء - 6/6/2017