هَمّ البنات، وأشياء أخرى!
-1-
كوني ابنته، أو أخته أو زوجته لا يعني ألا أكون بذاتي كيانًا مستقلًّا، أنا مضافةٌ لأبي حين أعرّف عن جذرٍ وأصول، إلا أن ذلك لا يعني ألا أشمخ برأسي عاليًا..
مضافةٌ أنا لأخي إضافة السكر لكوب الشاي، لا غنى لأحدهما عن الآخر، ألطف نكهة أيامه ويحتويني، إلا أنه لا مانع في ذلك أن أكون مضربًا للمثل في «الحلاوة» وإن كان هو مضربًا للمثل في أمور أخرى!
مضافةٌ لزوجي تكاملًا بنّاءً، أسدّ نقصًا في رجولته يستلزم رقة أنوثتي، كما أستند إلى رجولته إذا ما ازداد انحنائي عطفًا ورأفة، إلا أنه لا يعني ألا أكون قويّةً بدونهم جميعًا، لأجلهم جميعًا، حتى لا يظل»همّ البنات للممات» حتى لا توأد فيّ أحلامي خشية «العار»؛ فأنا لست عارًا ولا عورة ولا حرمة!
صدقتِ عزيزتي، كم سعدتُ بما أرسلتِ لي، وكم يسعدني أن أنشره، كما تنشر الوردة عبيرها، لتعيد تعديل مزاجنا، فتلك الكلمات الجميلة، تعيد موضعة الأنثى في حياتنا، وتحويلها من متاع من أمتعة الدنيا إلى دنيا بكل تفاصيلها!
-2-
كي تتقي شر المرأة، إياك أن تقول لها الحقيقة، حتى لو أقسمتْ لك أنها تفضل الرجل الصادق، والصريح، فهي لا تحتمل الحقائق، وتفضل الرجل الذي يكذب عليها، خاصة حين يتعلق الأمر بجمالها، وحُسن هندامها، وعلاقاتك النسائية قبل أن تعرفها!
-3-
من قال أن الغيرة دليل على الحب؟
ألغيرة ضعف، وقلة ثقة بالنفس، وشعور بالنقص، وهستيريا مَرَضية، وحينما تشتعل أكثر، فاعلم أن ثمة تغيرا في مسار الحكاية!
-4-
منذ أن فقدت أمي، أعني حين شعرت باليتم الحقيقي، تحولت إلى باحث عن الأمومة، حيثما وجدت: في الطبيعة، في رسومات الفنانين، وعناق أغصان الشجر لبعضها، وفي لهفات القطة على صغارها، وبحثت عن الأمومة في كل النساء اللواتي عرفتهن، وأدركت أن الأنثى تزداد أنوثة وفتنة، كلما زادت جرعة الأمومة في كيانيتها، وكلما قلت، تحولت إلى ذكر ولكن بلا رجولة!
في حياة الرجل عدة أمهات الأولى أمه التي ولدته، والثانية شقيقته الكبرى التي تحنو عليه، والثالثة زوجته، أو قل أمه التي لم تلده، التي تداوي جراحه، ويا لتعاسة الرجل الذي حُرم حنان هذا الثالوث المقدس!
-5-
كلما رضع الطفل ما يكفي من أمومة، زادت فرصته في أن يكون رجلا حقيقيا، مكتمل الرجولة، أما الرجال القساة، المضطربون، القلقون، الممزقون، غير المستقرين، فهم أولئك الذين لم تتح لهم الفرصة للقول بملء الفم: كان لدي أم!
-6-
تولد المرأة على فطرتها: أما، أو قل مصنعا للحنان، وما يحدث فيما بعد، أن بيئتها إما تعد خطوط الإنتاج الكامنة فيها فتعمل بكامل طاقتها لإنتاج الحب والحنان، أو تدمرها كليا، او جزئيا، ومع ذلك، تبقى تشعر بالحنين، لممارسة أمومتها، حتى على قطة تقتنيها، او نبتة زينة تربيها في الظل!
الدستور 2017-06-09