الإسرائيليون .. وإضاعة الفرصة التاريخية !
بعدما طالب بنيامين نتنياهو، في إطار المساعي الجارية لحل «مقبول» بين الفلسطينيين والإسرائيليين، الإبقاء على مستوطني بعض المستوطنات في الضفة الغربية وكمواطنيين في الدولة الفلسطينية المنشودة، ما لبث أن تراجع عن هذا الطلب وهذا كله حسب المعلومات الإسرائيلية التي يبدو أنَّ تسريبها يتم على نحو مقصود وحيث أنه لم يبدر عن الجانب الفلسطيني ما يشير ولو مجرد إشارة إلى صحة هذه المعلومات ولو في الحدود الدنيا.
وحقيقة أنه إذا صحت هذه المعلومات فإنَّ أفضل حل لهذا الصراع، الذي يبدو أن نهايته ورغم كل ما يقال لا تزال بعيدة جداًّ، هو عودة اليهود إلى أوطانهم التي غادروها، تحت ضغط الحركة الصهيونية وعلى أساس أن البديل المغري هو الأرض «الموعودة» الخالية وبلا قاطنين ولا سكان والتي تفيض عسلاً ولبناً، ومن بينها عدد من الدول العربية كالعراق وسوريا ولبنان والمغرب.. ومصر أيضاً إن أردتم !!.
ويقيناً أن هذا الكلام ليس لا من قبيل «التَّريقة» ولا من قبيل المزاح فقد كانت هناك محاولات مبكرة قامت بها حركة «فتح» ومنظمة التحرير الفلسطينية لإقناع بعض الدول العربية المعنية بفتح أبواب العودة لليهود الذين كانوا غادروا أوطانهم في عام 1948 وبعد ذلك تحت ضغط وعود ومغريات ثبت أنها غير صحيحة فهؤلاء لم يجدوا أن الأرض، التي وصفتها الحركة الصهيونية بأنها «موعودة»، لا تسيل لا عسلاً ولا لبناً.. وأنها تسيل دماءً وحتى الآن... حتى بعد كل هذه السنوات الطويلة .
إنني إذْ أقول هذا الذي أقوله فإنني لا أقصد رسم صورة «كاريكاتورية» لهذا الصراع المحتدم على فلسطين والذي من الواضح أنه سيبقى محتدماً ولسنوات طويلة فكثير من الإسرائيليين الذين كان آباؤهم صدقوا حكاية:»العسل واللبن» هذه باتوا يتحينون أي فرصة سانحة لمغادرة هذه الـ»إسرائيل»، التي كانت وصفت بأنها الجنة الموعودة لإغراء اليهود بترك أوطانهم الحقيقية الجميلة والمجيء إليها، وثبت أنهم جاءوا لتبقى أجيالهم اللاحقة في حروب بلا نهاية وليبقى أحفادهم وأحفاد أحفادهم وربما إلى نهاية التاريخ في الخنادق وجبهات القتال!!.
أليس مضحكاً أنْ يستجدي بنيامين نتنياهو في آخر زيارة له إلى واشنطن الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنْ يعترف بـ»سيادة» إسرائيل على هضبة الجولان..؟ ثم أليس مضحكاً أن تحشو القيادات الإسرائيلية رؤوس الإسرائيليين بأنَّ هناك «إسرائيل توراتية» ستكون حدودها من البحر الأبيض المتوسط .. وحتى نهر الفرات وربما حتى نهر دجلة .. ألم يقرأ هؤلاء أن غزاة كُثُر قد استوطنوا هذه المنطقة إن ليس كلها فبعضها لسنوات طويلة لكنهم بالنتيجة والنهاية قد خرجوا منها هرولة وهروباً.. لأنهم عاشوا فيها السنوات التي عاشوها كـ»مستوطنين» وعلى غرار ما هو حال الإسرائيليين في الضفة الغربية وفي فلسطين كلها.. وفي هضبة الجولان العربية السورية أيضاً؟!.
هناك مثل لا يعرفه بنيامين نتنياهو بالتأكيد يقول:»من أراده كله فاته (أضاعه) كله».. ويقيناً أنه سيأتي ذلك اليوم القريب، بحسابات الزمن، الذي سيعض من سيبقى من الإسرائيليين في فلسطين أصابعهم ندماً لأنهم ساروا خلف عتاة التطرف الإسرائيلي ولأنهم صدقوا كذبة :»من النيل إلى الفرات» ولأنهم لم يقبلوا بالحلول المعقولة التي بقي الفلسطينيون.. والعرب يعرضونها عليهم في هذه اللحظة التاريخية وحيث ثبت أنَّ حركة التاريخ كحركة النهر الذي يعتقد الناظر إليه إن مياهه راكدة وثابتة وذلك مع أنها جارية ومتغيرة وفي كل لحظة.
الراي 2017-06-15