وماذا لو قتله الروس حقا؟!
سواء صدقت التسريبات الروسية بمقتل « ابوبكر البغدادي» في الرقة، أو لم تصدق، فإن هذا الامر لن يغير من الواقع شيئا، الا من باب الاحتفاء بالعملية فقط.
الاميركان قبل ذلك قاموا بقتل اسامة بن لادن زعيم القاعدة، وبرغم رمزيته في التنظيم وموقعه، الا ان فكر القاعدة ذاته وعملياتها لم تغب تماما، بل تم توليد تنظيمات جديدة من رحم القاعدة، اضافة الى ما نراه من عمليات فردية مرتبطة بفكر القاعدة.
الذي لا يفهمه الروس ولا الاميركان، ان مقتل شخص في موقع قيادي، مثل ابن لادن او حتى البغدادي، قد يهز بنية هذه التنظيمات، ويؤثر عليها، عملياتيا او ميدانيا، لكن هذه التنظيمات بسبب بنيتها التنظيمية والفكرية، قادرة على توليد بدلاء، وقد رأينا كيف بات أيمن الظواهري بديلا عن ابن لادن، واذا صحت المعلومات عن مقتل البغدادي، فإن صناعة بديل له، امر ليس صعبا داخل التنظيم.
هذه التنظيمات على الرغم من وجود زعامات لها، الا ان لها بنية تنظيمية، تستند الى ارضية فكرية، تشرعن كل ما تفعله هذه التنظيمات، وبالتالي تضع هذه التنظيمات في حسابها، احتمالات مقتل قيادات، وتكون قد جهزت مسبقا، البدلاء.
في قصة داعش تحديدا، ما زالت هناك روايات تتردد ان شخصية البغدادي في الاساس شخصية وهمية، تم تصنيعها من جانب جهات انتجت التنظيم وتديره لغايات محددة، غير تلك الظاهرة، كما ان بقاء التنظيم في هذه الحالة، او خروجه من الميدان، يرتبط فعليا بانتهاء الدور الوظيفي له، على اعتبار ان من يعرفون سر التنظيم، ونشأته والطريقة التي يتم تمويله فيها، وفتح الممرات له، سر مثير للريبة، وبرغم ان هذا السيناريو ذاته يستند الى نظرية المؤامرة، الا انه يبقى واردا ومطروحا.
اذا اراد العالم معالجة ملف داعش، والتنظيمات الشبيهة له، فإن امامه حلولا كثيرة، لكن من ابرزها معالجة المسببات التي يستثمرها التنظيم لحشد الانصار، بمعنى ازالة المظلوميات التي يتاجر بها التنظيم، ليبرر عملياته في كل مكان، اضافة الى انه ثبت حتى الان ان اي انهاء للتنظيم، يجب ان يرتبط، بتجفيف الدعم المالي والعسكري بمعنى ان هناك استحالة لوقف هذه التنظيمات، ما دامت هناك حاضنات سرية، لها، وهذا يفرض الذهاب الى الحاضنة السرية مباشرة، واقناعها او ردعها عن دعم هكذا تنظيمات، ودون ذلك ستتواصل ذات القصة، وتنتقل هذه التنظيمات من موقع الى آخر، وتعيد انتاج نفسها، تحت مسميات جديدة، وفي مواقع جديدة، ولن يتغير شيء من الواقع.
ليس أدل على ذلك، مما جرى للقاعدة، بعد مقتل اسامة بن لادن، اذ ان ذات الارضية الفكرية مع تعديلات كثيرة، انتجت النصرة وداعش وتنظيمات كثيرة، ظهرت في مواقع عدة، في هذا العالم.
اذا صحت رواية الروس التي يشكك بها التحالف الغربي، حول مقتل البغدادي، فإننا امام مرحلة جديدة، سيتم فيها انتاج قيادات بديلة، وبرغم ان التنظيم يواجه حربا شرسة، اضعفته الى حد كبير، الا ان التجارب تقول ان هذه التنظيمات، سرعان ما تعود بشكل جديد وعنوان جديد، وتحت مظلة قيادات جديدة.
ما هو أهم يتجاوز اسم البغدادي بكثير، وهذا ما سوف تثبته الأيام.
الدستور 2017-06-17