الكيماوي السوري المزعوم: «عنزة» المُستعمِرِين.. التي «طارت»!!
كان لهذا المسلسل الاستعماري الرديء ان ينتهي الى ما انتهى اليه فريق تقصي الحقائق(لا أحد بالطبع يعرف كيفية وآلية تشكيله,ما يعيد الى الاذهان ما دأب عليه المستعمرِون الغربيون عندما امتطوا ظهر الوكالة الدولية لحظر وانتشار الأسلحة النووية في الملف العراقي، والذي اسفر في النهاية عن اجتياح العراق وتدميره من قِبل امبراطوريتي الشر الاميركية والبريطانية، بدعم معلن من بعض العرب وصمت مريب من قبل ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي يتربص بسوريا الآن).
الفريق المزعوم نشر تقريره يوم الخميس الماضي بلغة تفوح منها رائحة الفبركة الاميركية المعروفة, والتي تتكئ على ما يسمى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية, التي نقل عنها فريق تقصي الحقائق انها افادت «باستخدام غاز السارين في خان شيخون زاعماً (الفريق) ان اعضاء المنظمة في لاهاي تداولوا التقرير لكنه لم يُعلَن (..).
لعبة احاجي واحبولات لا يتقنها سوى احفاد المُستعمرِين الذين سخرّوا كل مفردات القانون الدولي الواضحة لتفسيراتهم المغرِضة, وخدمة لأهدافهم التي لم يعد أحد في المعمورة يجادِل في قذارتها ودناءة اهدافها وإصرارها على فرض هيمنتها والوصاية على كل شعوب الأرض,تحت دعاوي المصالح القومية الاميركية, التي لا تستطيع الدوائر الدولية المُحايِدة وضع حدود لهذا المصطلح الغامض حمّال الأوجه والاستعمالات، وخصوصاً المفاجئ في التوقيت, على نحو يضع العالم أجمع أمام أزمات مُتدحرِجة,عرفت بعض العواصم الدولية او دوائر الاعلام والصحافة كيف بدأت,لكن ليس بمقدور احد التكهن بالمدى الذي ستصل اليه لعبة التصعيد المُبرمَج والمحمول على تحركات عسكرية وعرض للقوة وسيولة امبريالية معروفة في توجيه التحذيرات والتهديدات, تكاد اسرة الشعوب لا تلتقط انفاسها وهي تتابع «دراما» الضربة الاميركية المُتوَقّعَة, التي يحار المرء في معرفة ما اذا كانت مجرد تصعيد كلامي للتستر على أزمة توشك ان تنفجر في وجه ادارة مضطربة مفلسة وغير متزنة,على النحو الذي تجسده ادارة ترمب كما هي حالها في التحقيق الاستقصائي الذي نشره صحافي الاستقصاء الاميركي الشهير سيمور هيرش, عبر صحيفة دي فيلت الالمانية الرصينة,ما اربك وكشف وفضَح ضربة التوماهوك الاميركية لمطار الشعيرات السوري, ام في الدفع بسيناريوهات جديدة تهدف الى خلط الأوراق على الساحة السورية, بعد فشل المخطط الاميركي وبعض العرب بالسيطرة على البادية السورية،والوصول الى الحدود المشتركة السورية العراقية،والمساومة لاحقا - ومن موقع قوة - على مستقبل سوريا, بعد ان يُحكِم المستعمِرون الاميركيون ومرتزقتهم من كرد سوريا, السيطرة على دير الزور مباشرة بعد طرد داعش من الرقة،هذا «الطرد» الاميركي الكردي لداعش المترافِق مع مجازر بشعة وجرائم ضد الانسانية ترتكبها القوات الاميركية الغازية, بحق المدنيين في المدن والبلدات السورية تارة في مدينة الميادين وطوراً في بلدة الدبلان بريف دير الزور, ودائماً في تواطؤ جواسيس بما يسمى»القبعات البيضاء» التي تخترع روايات الهجمات الكيماوية.
عودة الى التقرير المزعوم وربطاً بما «رصَدَه» الاميركيون من انشطة سورية «رسمية» تتعلق بطائرة «مُعيّنة» وبحظيرة «معينة» للطائرات الحربية في مطار الشعيرات (ما غيره).. وهو ما روّجه البيت الأبيض الذي بدأ بقرع طبول الحرب.
فريق تقصي الحقائق الذي لا يعرف احد من شكّله وكيف تم التوافق على جنسيات واختصاص اعضائه, اكتشف بعبقرية يُحسد عليها ان غاز السارين قد استُخدِم في خان شيخون, وكأن احداً انكر ان غازاً كهذا ظهرت علامات وجوده في تلك البلدة السورية المنكوبة بالارهاب والاستهداف الاميركي القذر، لكن الذي لم يكشِفه عباقرة فريق التقصي هو من أين جاء السارين وكيف؟ وخصوصاً انهم لم يذهبوا الى مسرح الجريمة ولم يُعايِنوا الأوضاع عن كثب, بل هم رفضوا الدعوة «السورِيّة» لزيارة مطار الشعيرات بذريعة متهافتة تخفي تواطؤاً وعجزاً,كالقول (في التقرير) حرفيا: «لم تتمكن البعثة من زيارة موقع الهجوم نفسه, بسبب مخاوف أمنِيّة,لكن - يواصل التقرير / الفضيحة الزعم: خُلاصة هذا التحقيق (...) ستُشكِّل اساساً للجنة تحقيق مشتركة بين الأمم المتحدة (..) ومنظمة حظر الاسلحة الكيماوية, وستكون مهمتها ما اذا كانت قوات «النظام السوري» هي المسؤولة عن هذا القصف الكيماوي على البلدة»، (طبعاً لم يذكروا الطرف الآخر وهي الجماعات المُسلحة,ولم يضعوها اصلاً في افتراضاتهم بالمسؤولية, ما يعني الحكم المُسبَق على «النظام السوري» من اجل «البناء» على ذلك, كما كانت حال العراق وحكاية المعامل الكيماوية والجيولوجية المُتنقِّلة, التي تابَع العالم كذبتها على لسان كولن باول, وهو يستعين بالرسومات وخرائط الـ «جي بي اس», ثم تكشّفت المؤامرة وحملة الاكاذيب, التي وإن كانت واشنطن بوش قد دفعت ثمن مغامرتها من الأموال والأرواح والهيبة والمكانة, الا ان الشعب والوطن العراقي هما اللذين دفعا ثمن هذه الجريمة الموصوفة.
السيناريو «الجديد» الذي روّج له ترمب, ورافقه في مسعاه الإجرامي بعض العرب الذين بدأوا يُحضِّرون انفسهم لضربة اميركية جديدة, قد تكون مقدمة لمواجهة روسية اميركية,بعد ان اعلنت موسكو انها سترد رداً متناسباً على اي استفزاز اميركي في سوريا، كان شبيهاً بما سبق في ضربة التوماهوك، لكن التراجع الاميركي المؤقت - والذي لقي دعمّاً من احفاد المُستعمِرِين في باريس ولندن،لا يعني ان «الخطر» قد زال, وان ادارة ترمب «راجعت» نفسها قبل ان يُصدِر ترمب امراً بتدفيع «بشار الأسد وجيشه ثمناً باهظاً» على ما قال شون سبايسر الناطق باسم ترمب، بل ان شبح المواجهة الاميركية الروسية, هو الذي كبح ترمب وحزب الحرب في الادارة الأميركية, ما يستدعي المزيد من اليقظة والحذَر وعدم «الغفو» اثناء الحراسة. وخصوصاً ان ترمب عاد ليفتح الملف الكوري الشمالي, متبجحاً أن «عصر الصبر الاستراتيجي إزاء النظام الكوري الشمالي قد فات, وانه عصر قد طال زمنه, ليختم في غطرسة:هذا الصبر قد نفد...بصراحة».
الراي 2017-07-02