زُرع في الصين !
اصبحت عبارة صنع في الصين تقليدية ولا تلفت اي انتباه، لأن العرب ذهبوا الى الصين ليس طلبا للعلم واستجابة لموعظة رسولية، بل لاستيراد كل شيء بدءا من الخيط وابرة الخياطة حتى الملابس الداخلية والخارجية وكل ما له صلة بالحياة المنزلية واليومية، لكن ما يحدث الان هو ان عبارة صنع في الصين اصبح زرع في الصين، وهناك فيلم عربي كوميدي عنوانه فول الصين العظيم، والصين تصنع للعرب حتى التحف الخشبية وكل ما له علاقة بالفولكلور، حتى بوصلة الصلاة وسجادتها تصنع هناك ! فهل من المعقول ان تمتلىء رفوف دكاكين القرى العربية بمعلبات الحمص والفول وورق العنب ؟ وهل اصاب الارض العقم واليباب فتصحرت ام ان التصحر زحف نحو العقل ذاته ؟
يبدو ان ثلث مليار عربي اصبحوا عاطلين عن كل شيء وليس العمل فقط، فهم متفرغون للثرثرة باهظة التكلفة عبر الهواتف، وللحروب التي يشنونها على بعضهم كما لو انهم لم يغادروا الجاهلية، فما تغير هو فقط اسماء القبائل . ما نرتديه ونستخدمه في بيوتنا صنع في الصين، وما نأكله زرع في الصين ايضا، فهل لو اغلق سور الصين العظيم نتحول الى ملايين من العراة والجياع ؟
ان اسوأ افرازات التخلف وسايكولوجيا القهر ان يتصور الجهلة بأن عقول الاخرين وسواعدهم سخرت لخدمته ومن اجل ملذاته، اما هو فأشبه بالدبور الذي لا يتقن غير مهنة النزو والانتحار ولا يفرز قطرة واحدة من العسل !
ما انفقه العرب خلال العقود الثلاثة الماضية على الاقل خارج مدار التنمية ولصالح ثقافة النميمة والثأرية كان يكفي؛ لأن متوسط دخل الفرد في بلادهم هو الاعلى في العالم، وان لا يكون بينهم امي واحد او مريض تحجز جثته بعد الوفاة في مشرحة المستشفى بانتظار تسديد الفاتورة !!
في البداية كانت مرحلة صنع في الصين واعقبتها مرحلة اخرى هي زرع في الصين فهل تأتي مرحلة نصبح فيها صناعة صينية قابلة للكسر ؟؟!!
الدستور 2017-07-02