في وداع الطبقة الوسطى !

تم نشره الإثنين 03rd تمّوز / يوليو 2017 01:13 صباحاً
في وداع الطبقة الوسطى !
خيري منصور

قبل عقدين صدر كتاب بعنوان وداعا للطبقة الوسطى، ولم تكن الاجراس التي تنذر بانقراض هذه الطبقة قد بدأت تقرع، والطبقة الوسطى تاريخيا واجتماعيا وثقافيا هي الحاضنة لكل الحركات المجتمعية، وبنك الاحلام، ومنها خرج قادة ومثقفون وعلماء لكن غروبها التدريجي ادى الى نتائج لم تكن محسوبة من قبل وعلى سبيل المثال لا تتجاوز الطبقة الوسطى في اكثر من بلد عربي الخمسة بالمئة من مجمل السكان، وقد بدأ الفقر والانهماك بالضروريات يقضم هذه الطبقة منذ عدة عقود، بحيث كان يليق بها عنوان دراماتيكي وهو الوداع، فما الذي حدث في عالمنا العربي وراء الكواليس والاكمات ولم يكن قابلا للرصد بالاساليب التقليدية ؟ هل هو السّعار الاستهلاكي الذي حوّل مجتمعات بكاملها الى اسفنج ليس لديه ما ينتجه، ويعيش على امتصاص ما يرد اليه ؟ ام هي الثقافة بعد ان جرى افراغها واعطاب بوصلتها والحقت بالاعلام ؟
الاسباب عديدة، وقد تكون مجتمعة قد ادت الى هذا الحال حيث يتفاقم الداء بتسارع ينذر بنهايات غير سعيدة على الاطلاق، ان تراجع الفن وهبوط المستوى العام للابداع كان حصيلة غير متوقعة لتلك الثقافة التي بشّرت بحداثة منزوعة الجذور ثم هبّت عواصف العولمة بأردأ نماذجها لتجهز على ما تبقى، لأنها بالفعل المرادف للقطعنة وتحويل البشر الى قطع غيار متماثلة اضافة الى التسطيح والتجريف بحيث ترجح كفّة الضرورة على كفة الحريات كلها .
والانسان الذي وصفه هربرت ماركوز في ستينيات القرن الماضي بأنه احادي البُعد لم يكن امريكيا او اوروبيا فقط، بل شمل هذا التوصيف قارات تحولت الى رهائن وهي لا تعلم، فهي تستورد ما يُعاد انتاجه من باطن ارضها ومناجمها بحيث تمددت ثقافة الاستهلاك من السلعة والسوق الى العقل والمعرفة، فالانتاج له مفاعيل وسياقات لا تتجزأ، ومن يستورد الرغيف يجد نفسه يستورد الفكرة ايضا، ان وداع الطبقة الوسطى وهو وشيك يعني وداع ثقافة كاملة وخسران حاضنة لا تُعوّض !!

الدستور  2017-07-03



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات