السجين رقم 9032478.. «تحرّر» أيّ رقم سيحمله نتنياهو؟
اما صاحب الرقم «السُباعي» اعلاه فهو رئيس وزراء اسرائيل «الثاني عشر» ايهود اولمرت، الذي تحرّر مُؤخرأً من السجن، الذي قبع فيه ستة عشر شهرا، من عقوبة طالته مدتها سبعة وعشرون شهرا، رأت لجنة «الافراجات» تخفيض ثلث المدة بسبب «حسن السلوك» الذي ابداه خلال فترة سجنه، والتي كانت ملابساتها عاصفة بكل معنى الكلمة، إثر مسلسل الفساد والرشى الذي انخرط فيه أعلى مسؤول في دولة العدو الصهيوني، والرجل القوي الذي يتوفر ائتلافه الحكومي على اغلبية مهما كانت بسيطة، حتى مجرد صوت واحد يزيد على نصف اعضاء الكنيست الـ(120) يستطيع من خلاله ان يُقرِّر اي شأن واي قضية، من خلال الكابينت او مجلس الوزراء المصغر الذي تُوكل اليه مهمة طبخ القرارات المصيرية داخلياً وخارجياً، اللهم إلاّ إذا قرّر شركاء الائتلاف او مجرد شريك واحد، التهديد باطاحة الحكومة اذا ما تم تنفيذ او شطب ملف ما، عندها يلوح في الافق شبح ازمة حكومية، عندما لا يتوفر بديل ائتلافي، ما يستدعي الذهاب الى انتخابات مبكرة، يُمكن ان تُنهي المستقبل السياسي لهذا الزعيم او ذاك، على رأس الحزب او على رأس الحكومة لا فرق في الحال الصهيونية، منذ «الانقلاب» الذي قاده مناحيم بيغن في 17 أيار 1977،عندما اطاح حكم «اليسار» الصهيوني المتمثل في حزب العمل، او المعراخ في ذلك الوقت، ولم ينجح حزب العمل او اليسار الصهيوني في العودة الى الحكم منذ ذلك التاريخ حتى الان، اللهم لفترة محدودة كانت مثابة فرصة لليمين المتطرف الديني والقومي الاستيطاني على حد سواء، للفتك بقواعد اليسار وتعريته والانقضاض عليه، وبخاصة في فترة ما بعد اغتيال اسحق رابين وهزيمة شمعون بيرس بعد عدوان «عناقيد الغضب»على جنوب لبنان وقدوم نتنياهو لاول مرة، ما لبث ايهود باراك ان اطاحه ليتولى الاخير الحكم لمدة عام واحد، قبل ان يُجهز عليه ارئيل شارون ويُرسله الى التقاعد السياسي المبكر، الذي عاد عنه بعد ان «تحالف» مع نتنياهو واسترضاه بحقيبة الدفاع.
ما علينا..
مَن شاهَد لحظة خروج اولمرت من الباب الخلفي لسجن معسياهو، ثم نزوله من السيارة في سرعة الشخص المُطارَد الذي لحقه العار، ويريد الاختفاء عن عيون البشر، يلحظ مدى حجم الهزال والشيخوخة التي داهمت «الرجل القوي» (على ما يصفه انصاره، الذين «يُسجّلون» لصالحه انه شنّ حرب تموز 2006 على لبنان، وخصوصاً تدمير ما وُصِف اسرائيليا واميركيا بالمفاعل النووي السوري في دير الزور، الذي ارسلت اسرائيل مرتزقتها من ثوار الفنادق وحملة البنادق للايجار، الى تلك المنطقة كي يأتوها بشواهد دامغة على ان دمشق كانت تبني مفاعلا نوويا بمساعدة كوريّة الشمالية، رغم ان احدا لم يصدق الرواية الصهيونية سوى الاميركان الذين يجمعهم هدف واحد، وهو تدمير سوريا وتقسيمها واراحة اسرائيل من عبء وجود دولة عربية (لا تنسوا لبنان ايضا) ما تزال ترفض «الصلح» مع دولة الاحتلال، إلاّ بعد جلائها الكامل عن الجولان السوري المُحتل 1967.
قد لا يعود اولمرت الى السياسة بعد ان دخل السجن كأول رئيس وزراء في تاريخ الدولة الصهيونية بتهم فساد، دينَ بها بعد ماراثون طويل ومرهق من التحقيقات والمحاكمات وشهادات الشهود، الذين قدّموا له مغلفات الاموال السخية والرشاوى مقابل مصادقته على مشروع «الهولي لاند» السكني الضخم في القدس الغربية، عندما كان رئيسا لبلدية القدس المحتلة وغيرها مما شهدت عليه سكرتيرته وكاتمة اسراره شولا زاكين، التي قبلت ان تكون «شاهد ملك» مقابل تخفيف عقوبتها كونها كانت طرفا في اخفاء مغلفات الاموال، لكنه «اولمرت»على عكس اول رئيس دولة صهيونية يدخل السجن بسبب تحرشه الجنسي بمرؤوساته موشيه كاتساف او قصّاب، ما يزال يتوفر على متعاطفين معه، رأوا في ما حدث له عقوبة قصوى لا يستحقها، مقارنة بالفساد الذي هو عليه الان نتنياهو الذي يخضع لتحقيقات طويلة – هو وزوجته سارة – حيث تبرز مؤشرات على ان الملفات الثلاثة التي تُرَكِّز عليها الشرطة، وهي الملفات التي تحمل الارقام 1000، 2000 و3000 باتت ناضجة – وربما كافية – لتوجيه لائحة اتهام لنتنياهو، تُجبره على الاستقالة اذا ما تم توجيه لائحة كهذه، لكن النائب العام (المستشار القضائي للحكومة) افيحاي مندلبليت،المدين لنتنياهو بانه الذي جاء به الى هذا المنصب (كان قبل ذلك سكرتيراً للحكومة)، هو الذي يُماطِل ويشتري الوقت حتى لا يُقال عنه انه «بصق» في الصحن الذي أكل منه (...).
المؤشرات حتى الان.. تشي بان نتنياهو لن ينجح في الهرب من لائحة الإتهام، وان السجن هو مصيره وخاصة بعد ان اغلق سيده ومانح الاموال الاكبر لصالحه، شيلدون اديلسون صاحب نوادي القمار في لاس فيغاس، والمتبرع بسخاء لترمب كما لنتنياهو، اغلق صنبور الاموال وتحوّل بها نحو صنيعة جديدة له، قرّر إيصاله الى رئاسة الوزراء في اسرائيل، وهو يائير لبيد زعيم حزب يش عتيد (يوجد مستقبل) الذي تقول استطلاعات الرأي انه سيفوز في المرتبة الاولى وبفارق 10-12مقعداً عن ليكود.. نتنياهو.
قد يذهب نتنياهو الى حرب جديدة في غزة لتأجيل موعد لائحة الاتهام بالفساد التي تُلاحِقه بعد ان قبِل المليادير الاسترالي «اليهودي»..ميليتشين، الإدلاء بشهادته (لكن في استراليا) في شأن الاموال التي تبرع بها (اقرأ طلبها منه نتنياهو) مع السيجار الفاخر وزجاجات الفودكا الفاخرة التي دأبت زوجته سارة على إبتزازها منه، لكن حربا كهذه.. إن وقعَت، لن تكون كفيلة باغلاق ملفات الفساد التي زكمت رائحتها الأنوف في اسرائيل، ولم يعد نتنياهو على تلك الدرجة من القوة والنفوذ.. كي يدير ظهره لها أو ينجح في إغلاقِها.
أي رقم سيحمله نتنياهو عندما سيدخل السجن كـ»ثاني»رئيس وزراء لإسرائيل، يُدان بالفساد وقبول الرشى.. وتضارب المصالح؟
الراي 2017-07-06