لقاء فارق أم حدثٌ عابر؟
من السابق لأوانه القول إن اللقاء الذي سيجمع اليوم ( الجمعة) الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره الأميركي، دونالد ترامب، على هامش قمة العشرين في ألمانيا، سيفضي إلى "اختراق" في العلاقات بين موسكو وواشنطن. لكنّ هذا لا يُقلل من أهمية اللقاء، فمنذ تسلّم ترامب الرئاسة قبل نحو خمسة أشهر، وموسكو تضع الرهانات والأماني بأن يتمّ لقاء كهذا بين الزعيمين، حتى وإن صرّح المسؤولون الروس غير مرة، إنهم ليسوا على عجلة من أمرهم بشأن هذا اللقاء. أما لماذا نسج الكرملين الآمال بعد انتخاب ترامب فلأن موسكو، مثالاً لا حصراً، وجدت فيه "النافذة الفرصة" المفترضة لها كي تتمكن من رفع العقوبات الشديدة التي فرضت على روسيا وأثقلت كاهلها بما يزيد على 17 مليار دولار.
لم تشفع العوامل المشتركة بين ترامب وبوتين (المحافظة والشعبوية والتعصّب القومي...) في أن تتحسن العلاقات بين أميركا وروسيا، فالدولة العميقة في أميركا ما تزال تنظر إلى روسيا كخصم، وهذا المحدد المتفاعل في الداخل الأميركي من شأنه أن يُحيل، برأي المتشائمين من نتائج اللقاء المرتقب اليوم، إلى مجرد مجاملات، وأنه لن يقود إلى كسر الجليد ونسج توافقات حول العديد من الملفات.
في المقابل، فإن المتفائلين بهذا اللقاء بين بوتين وترامب، وعلى رأس هؤلاء وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر - الذي التقاه بوتين نهاية حزيران (يونيو) الماضي- يرون ان اللقاء سيؤسس إلى حقيقة أساسية مفادها بأن العلاقات الأميركية-الروسية، عاجلاً أم آجلاً، ستأخذ طريقها نحو التلاقي وإدراك ضرورات العمل المشترك لصياغة توافقات معينة بين الدولتين العظميين، تقضي بتفادي الصدامات غير المقصودة، إن في سورية أو البلطيق أو غيرهما، وبما يؤكد أنه لا يستقيم لقوتين عظميين أنْ تبقيا على خصام، من السهل تبديده بالتنازلات المتبادلة.
لكنّ الحواجز بين موسكو وواشنطن أصبحت اليوم أكثر خطورة فيما يتعلق بإدارة الملف السوري، والصراع على مناطق النفوذ بين العاصمتين سينفخ مزيداً من الروح في جسد الحل العسكري للمسألة السورية. الخبراء يقولون إنّ روسيا لا تشعر بالارتياح من السياسة الأميركية الراهنة في سورية، وتنتقد هذه السياسة وتصفها بأنها "غير محددة" و"لا يعرف أحدٌ ماذا تريد؟". وبالتأكيد أن موسكو تأمل بالعثور على شريك سياسي في واشنطن يسمح لها بحصد الثمار السياسية لإنجازاتها العسكرية، وهذا، برأي المحللين، يعني مشاركة أميركية في رعاية عملية سياسية تستند إلى المقاربة الروسية للمسألة السورية، وهي المقاربة التي تستند إلى الاعتراف الرسمي ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، وإلى قبول التعاون العسكري معها ضد كلٍ من "داعش"، و"هيئة تحرير الشام" وسواهما.
البنتاغون، الذي أعطاه ترامب اليد الطولى في القرار العسكري، ما يزال يمانع بالتعاون الكبير مع روسيا، ويعوّل على الأكراد أو الجيش السوري الحر، في تأمين المناطق الحدودية والمعابر انطلاقاً من التنف، وضمان موقع قدم قوية لأميركا في شرق سورية.
بالتأكيد أن الزعيمين يدركان حجم الملفات التنافسية والصراعية بين بلديهما، لكنّ المراقبين يعوّلون على أن كلاً من ترامب وبوتين يؤسسان كثيراً من مواقفهما اعتماداً على البعد الشخصي وما يكوّنانه من انطباعات (وهما السلطويّان في بنيتهما).
السؤال: هل يكون لقاؤهما اليوم علامة فارقة أم حدثاً عابراً؟ فلننتظر الساعات المقبلة.
الغد 2017-07-07