المديونية في خمسة أشهر
حتى لا نعود كثيراً إلى الوراء، نلاحظ أن الدين العام في الأردن كان يرتفع سنوياً منذ سنة 2000 ، ليس بالأرقام المطلقة فقط، بل كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي أيضاً، حتى تجاوزت النسبة 95%، وهي حالة غير قابلة للاستمرار وتهدد الاستقرار الاقتصادي.
في النصف الثاني من السنة الماضية 2016، أي عندما بدأ تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، تحقق لأول مرة الهدف المتواضع، وهو عدم السماح للمديونية بالارتفاع بمعدل أسرع من معدل ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي أي المحافظة على نسبة 95%.
بالفعل تحقق لأول مرة هدف المديونية، ليس بأن تنخفض فقط، بل بأن تستقر نسبتها، أي أن يسمح للمديونية بالنمو بنفس نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي. وقد قدرت الزيادة في 2016 بحوالي 4ر1 مليار دولار.
كانت هذه خطوة أولية مشجعة، دلت على أن هناك مساحة من المرونة، وأن إدارة الدين العام تتمتع بقدر من حرية المناورة، تسمح بالتدخل والتأثير، وهي تشكل بداية لاتجاه جديد يسمح بارتفاع المديونية بالأرقام المطلقة لتلبية الحاجات الماسة للخزينة، شريطة أن تنخفض كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، بحيث تكون 2017 السنة الأولى التي تقع فيها المديونية تحت السيطرة، وتنخفض كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي الذي يتوقع أن يرتفع بنسبة 6% بالأسعار الجارية.
خلال الشهور الخمسة الأولى من هذه السنة التي تتوفر عنها الارقام، سارت الامور بالاتجاه الصحيح، فقد انخفض إجمالي الدين المحلي بمقدار 6ر147 مليون دينار، وارتفع الدين العام الخارجي بمقدار 6ر583 مليون دينار، أي بزيادة صافية قدرها 2ر386 مليون دينار.
في الوقت ذاته يقدر أن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لسنة 2017 سينمو بمقدار 6% ، منها 5ر2% نمو حقيقي و5ر3% تضخم أو مخفـّض، أي أن حصة الشهور الخمسة الاولى من هذه السنة 5ر2 نقطة مئوية. في حين أن ارتفاع المديونية سيكون بنسبة 5ر1% ، وبذلك يتفوق الناتج المحلي الإجمالي على المديونية، مما يخفض النسبة بينهما، وقد انخفضت فعلاً بمقدار يناهز 1% ، خلال الشهور الخمسة موضوع البحث.
لا يشجع على النجاح مثل النجاح نفسه، وهذه بداية جيدة تستحق الاحتفال بها، وتجديد العزم على السير قدماً بهذا الطريق، خاصة وأنه يتحقق بدون تضحيات كبيرة كان يمكن أن تكون أكبر بكثير لو استمر الحال على ما كان عليه.
الراي 2017-07-11