كجيش «لحد» في الجولان !
ما كان من الممكن أن تلوذ إسرائيل بكل هذا الصمت بينما تجري كل هذه المتغيرات العسكرية التي شملت جبهة القنيطرة وهضبة الجولان السورية المحتلة لو لم يكن هناك اتفاق مع بعض الأطراف الدولية الفاعلة، والمقصود هنا هو روسيا تحديداً، على تشكيل جيش باسم جيش سوريا الجنوبي على غرار جيش لبنان الجنوبي الذي جرى تشكيله في سبعينات القرن الماضي بقيادة الضابط في الجيش اللبناني سعد حداد والذي تولىّ قيادته لاحقاً «العميل» الأكبر الجنرال إنطوان لحد الذي كانت نهايته مأساوية كنهاية أي خائن لوطنه وشعبه وأمته.
إن هذا ما كشفته مصادر إسرائيلية لمراسل صحيفة الشرق الأوسط نظير مجلي الذي هو موضع ثقة ولا يمكن أن يزود «صحيفته» بخبر في غاية الخطورة لو لم يكن متأكداً من صحته ومن مصداقية هذه المصادر الإسرائيلية التي زودته به والتي يبدو أنها لجأت إلى هذا التسريب من قبيل جس النبض ومعرفة ردود الفعل وبخاصة من قبل الروس والولايات المتحدة الأميركية.
لقد بقيت جبهة الجولان صامتة صمت أهل القبور منذ حرب عام 1973 وحتى الآن اللهم باستثناء بعض «المناوشات» المفتعلة للتغطية على بعض المواقف السياسية المتعلقة بمساعي إيجاد حلول سلمية بين سوريا (الأسد) وفي عهد الوالد والولد ودولة :»الكيان الصهيوني» حسب استخدامات الإعلام السوري والمصطلحات السورية الرسمية والمعروف أن الجيش السوري الرسمي هو من بقي يقوم بهذه المهمة وبقي يحول دون استهداف المحتلين الإسرائيليين عبر خطوط تمركزه الأمامية.
والمهم أنه غير مستبعد على الإطلاق أن يكون هناك إن ليس مثل هذا الإتفاق فمثل هذا الطلب فإسرائيل تعتبر نفسها لاعبا رئيسيا في الأزمة السورية والإسرائيليون كما هو معروف كانوا قد أعلنوا ضم هضبة الجولان إلى «كيانهم» المصطنع وكان بنيامين نتنياهو قد طلب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في أول لقاء به في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، الإعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هذه المنطقة السورية التي جرى احتلالها في حزيران عام 1967 والتي أسقطها بلاغ رسمي قبل سقوطها في أيدي القوات الإسرائيلية بنحو يومين.
ولذلك من أجل تحقيق هذا الطلب وإقناع الروس والأميركيين به، وغير مستبعد أنهم مقتنعون، فإن الإسرائيليين يتذرعون بأن الهدف هو منع الإيرانيين ومعهم حزبهم، حزب الله اللبناني، من التمدد في هذه المنطقة، أي المنطقة الجنوبية – الغربية من سوريا وهذه في حقيقة الأمر حجة غير مقنعة وكذبة لا يمكن تصديقها طالما أن للإسرائليين في الجولان المحتل قوات عسكرية ضاربة بقيت تمنع أي تسلل أو اقتراب من خطوط التماس مع الهضبة السورية المحتلة ثم وإنَّ ما تجب الإشارة إليه في هذا المجال هو أن إسرائيل كما أثبتت التجارب الطويلة لا تثق حتى بالذين أوجدوها والذين أقاموا لها هذا الكيان على الأرض الفلسطينية وبالتآمر المرفق بالقوة الباغية ولذلك فإنها تقول وهي تسعى لتشكيل جيش «لحْديٍّ» جديد أنها لا تثق بالقيادة الروسية وأنها تخشى من أن يبرم الروس إتفاقيات من وراء ظهرها مع إيران أولاً للإبقاء على نظام بشار الأسد وثانياً لضمان استمرار وجودهم على الأراضي السورية.
في كل الأحوال إنه لا يمكن إخفاء أمر بكل هذا المستوى من الخطورة فتشكيل جيش كجيش سعد حداد وإنطوان لحد تحت عنوان :»جيش سوريا الجنوبي» تكون مهمته الإنتشار في المنطقة السورية الجنوبية على حدود الجولان السوري المحتل خطوة من غير الممكن أن تمر بسهولة فهناك دول عربية معنية لا يمكن أن تقبل بهذا وهناك المعارضة السورية الوطنية التي لا يمكن أن تمر عليها لعبة كهذه اللعبة.
الراي 2017-07-11