أميركا تتخلى عن دورها القيادي
المفروض نظرياً أن أميركا تحتل مركز القيادة في عالم اليوم، خاصة وأنها القوة العظمى الوحيدة الباقية على قيد الحياة، والقادرة على التحرك في جميع القارات والمحيطات بعد غياب الاتحاد السوفييتي.
لكن يبدو كأن أميركا قررت التخلي عن دورها القيادي على مستوى العالم، وليس ادل على ذلك من الشعار الذي أطلقه رئيسها الجديد دونالد ترمب: أميركا أولاً.
عندما تكون أميركا اولاً فمعنى ذلك أنها تتخلى عن دور القائد، فهي تتعامل مع دول العالم على أساس المنافسة ( حتى لا نقول المغالبة).
تخلي أميركا عن الدور القيادي أصبحت له نتائج واضحة للعيان في كل مكان تقريباً:
- الاتحاد الأوروبي يتعرض لأكبر تحد سياسي في تاريخه، أبرزه الانفصال المتعثر لبريطانيا. وليس معروفاً ما إذا كانت أميركا تدعم انفصال بريطانيا أم أنها تدعم تماسك الاتحاد الأوروبي.
- في آسيا يتحرك مركز الثقل والقوة لصالح الصين، المرشحة لتحدي الوحدانية الأميركية. وهناك تحركات استراتيجية هامة تأخذ مجراها في أميركا الجنوبية وأفريقيا بدون ضوابط.
- أبرز موقع عالمي لبيان انحسار الدور الأميركي هو الشرق الأوسط، فلم يكن الرئيس السابق أوباما يخفي خطته للانسحاب التدريجي من هذا الإقليم، حتى جاء خلفه الذي لا يدري ماذا يريد.
- صراع إرادات بين السعودية وحلفائها من جهة وقطـر من جهة أخـرى، لا نعرف موقع أميركا فيها، فالرئيس يقول شيئاً، ووزارة خارجيته تذهب بالاتجاه المعاكس.
- الأزمة في اليمن طال أوانها، وأوشكت على استكمال تدمير البلاد في حرب بالوكالة بين السعودية وإيران، وكأن أميركا تريد استمرار حالة التوازن بين القوتين، كما حاولت حفظ التوازن بين العراق وإيران في حرب السنوات الثماني.
- لقد وصل الهوان بالقوة الأعظم الأولى والوحيدة في عالم اليوم أن روسيا استطاعت أن تعبث بانتخاباتها، وأن يكون لها تأثير مباشر في ترجيح فوز هذا المرشح أو ذاك، أي أنها تصنع خصومها على مقاسها.
بعد كل هذا نجد من يعتقد أن أميركا قادرة على فرض حل عادل للصراع العربي الإسرائيلي الممتد، ليجد بعد ذلك أن إسرائيل هي التي تقود أميركا وليس العكس.
الخلافات والنزاعات الشرق أوسطية في حالة اتساع وتفاقم في ظل غياب قوة عالمية تلعب دور شرطي العالم. والنتيجة المزيد من حالة الشك وعدم اليقين وترك الباب مفتوحاً لجميع الاحتمالات.
الراي 2017-07-12