تصفير الأزمات مع الأردن

تم نشره الإثنين 31st تمّوز / يوليو 2017 12:47 صباحاً
تصفير الأزمات مع الأردن
ماهر ابو طير

لايريد رئيس الحكومة الاسرائيلية، الاعتراف علنا، انه يتسبب بازمات متتالية للاردن، وهذه الازمات يتعامل معها الاردن، بشكل او بآخر.

هذا يثبت ان اسرائيل تكذب حين تقول انها معنية باستقرار الاردن، اذ كيف يمكن ان نفسر تصنيع الازمات الاسرائيلية، وتصديرها الى الاردن، وآخر ازمتين، كانتا اغلاقات المسجد الاقصى، وحادثة السفارة، وللازمتين علاقة مباشرة بالاردن، فهو يرعى المقدسات في القدس، من جهة، كما انه مسؤول عن حياة مواطنيه، اللذين تم سفك دمهما على يد موظف  قاتل في السفارة الإسرائيلية؟.

تصنيع الازمات، يعبر عن جهل كبير سياسيا، لدى مركز القرار السياسي والامني الاسرائيلي، والسبب بسيط، فإسرائيل باعتبارها دولة محتلة، تتوسط جغرافيا بين الاردن واراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، ليس بمعنى التوسط الكامل، بل باعتبارها تشغل حيزا، وسط منطقة يعيش بها الاردنيون والفلسطينيون.

تصنيع الازمات بهذه الطريقة، ومن ناحية سياسية وامنية، لايمكن الا ان يكون لعبا بالنار، وهي نار ستمتد بكل بساطة الى يد من يشعلها، ولايمكن ان تبقى قابلة للتحكم والسيطرة، وحصرها فقط باتجاه الاردنيين والفلسطينيين.

هذا المنطق على صحته، من ناحية تشخيصية، لايلغي في الاساس حقيقة ان اسرائيل هي احتلال، وان ما يأتي من الاحتلال، ونوافذه وبواباته، لن يكون خيرا في كل الاحوال، لكن المنطق آنف الذكر، يستعرض الامر من زاوية الحسابات السياسية فقط، وتأثيرها على ماتدعيه اسرائيل من عناوين، سواء عملية السلام، او العلاقة مع الاردن، او حق العبادة، او حتى موقع حكومة الاحتلال امام الكنيست والاسرائيليين.

مايراد قوله هنا، ان هذه لعبة خطيرة جدا، فقد اثبت مثلا، ملف المسجد الاقصى، ان اللعبة الاسرائيلية بتصدير الازمات الى الاردن، باعتباره الطرف الراعي، بغية احراجه او اضعافه، ارتدت سلبا على نتنياهو، اذ بالاضافة الى عظمة المرابطين في القدس، ودورهم الاول والاساس في الوقوف في وجه الاحتلال، فأن دور الاردن واتصالاته كبحت المخطط الاسرائيلي، ولربما هذه الثنائية الاردنية الفلسطينية، اعادت تصدير الازمة، الى مصدرها الاساس، اي نتنياهو الذي يواجه اليوم، بعد سلسلة تراجعاته غضب اليمين الاسرائيلي، والمتدينين اليهود.

الخلاصة إن الازمة التي صنعها نتنياهو بسوء ادارته واستهدف في ارتدادتها الاردن، انعكست وارتدت عليه داخليا بوسائل كثيرة.

الازمة الثانية التي صنعها نتنياهو تتعلق بطريقته في ادارة ملف حادثة السفارة، اذ ان استشهاد اردنيين، وقتلهم في عقر دارهما وبلدهما، ثم الاحتفاء بالقاتل، اراد منه نتنياهو تصنيع ازمة في الاردن، عبر اظهار البلد ضعيفا مغلوبا على امره، لايحمي مواطنيه، لكن القصة ارتدت ايضا بالعكس، فأهل الشهيدين اظهرا تضامنا مع دولتهما في الحادثة، ولم يسمحا بتوظيف الحادثة ضد الاردن، داخليا، مثلما ان الاردن اعلن انه لن يسمح بعودة طاقم السفارة، مالم تظهر نتائج التحقيقات، حتى في ملف القاضي رائد زعتير، وفعليا فأن عمان الرسمية تريد رد اعتبار للكل هنا، الدولة والناس وعائلات الشهيدين.

على الرغم من السلبية التي تعصف بالاجواء، وحالة النقد اللاذع التي تتمدد وتتقلص يوميا، الا اننا بعيدا عن العواطف نكتشف ان نتنياهو تم صفعه مرتين، واعيد تصدير الازمتين اللتين صنعهما لغايات مس الاردن، اليه مباشرة، والى حكومته.

ربما الحكمة تتطلب من المسؤولين هنا في الاردن، ان يتنبهوا الى ان كل محاولات نتنياهو المقبلة، ستقوم على اساس تنفيس الازمتين في العلاقة مع الاردن، لانه ادرك بشكل واضح، ان الامور ليست تحت السيطرة الكلية كما يتوهم، لا في فلسطين، ولا في الاردن، فهذا زمن يقول ان الوقوف في وجه الاحتلال، امر مفيد جدا، وان التهاون نحن الذين نصنعه أحيانا.

سيسعى نتنياهو الى تصفير الازمتين تدريجيا، وواجبنا ان لانسمح بتصفيرهما، حتى يدفع الثمن كاملا.

الدستور  2017-07-31



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات