إيران وأرقام قتلى الجيش والمدنيين في الموصل
فجر هوشيار زيباري ، وزير المالية ووزير خارجية العراق السابق ، والعضو البارز في الحزب الديمقراطي الكردي مفاجأة من العيار الثقيل أغضبت الحكومة العراقية بجميع مستوياتها حينما قال بأن عدد القتلى المدنيين في الموصل وصل إلى 40 الفا .
زيباري لم يكتف بذلك ،بل قال إن لديه معلومات استخبارية ويتحدى أن يتم تفنيدها ،تقول : بان هناك مئات الجثث ( من الأطفال والنساء والشيوخ ) لا زالت تحت انقاض المدينة التي تعرضت لقصف صاروخي ومدفعي من الجيش والحشد الإيراني وغارات من الطيران العراقي والأمريكي لم يسبق لها مثيل باستخدام " القوة المفرطة " وفق ما قال ، مما خلف هذه الأعداد الهائلة من الضحايا المدنيين .
ما يقوله زيباري لا تكذبه الوقائع على الأرض ، ولا ما جرى في الموصل التي أكدت كاميرات فضائية ومعاينات حسية أنها هدمت بأغلبها .
وإضافة لما قاله ، فإن هناك بعض التسريبات بالصوت والصورة لآلاف العراقيين السنة ممن تم اختطافهم ووضعوا في صناديق تدعى : " سجون" بحيث بدا هؤلاء وكأنهم " سردين بشري " وأظهرت التسجيلات بأنهم لا يكادون يتنفسون إلا بشق الأنفس من ضغط الزحام ، وهو ما أكدته لاحقا " مضطرة " تقارير محلية ودولية تتحدث عن المخطوفين من الأطفال والشبان ومن النساء ومن الشيوخ ممن يتجاوز بعضهم الستين والسبعين عاما وأكثر ، تم إخفاؤهم منذ سنوات وشهور وأسابيع في أماكن مجهولة ، وتتحدث معلومات عن عمليات قتل ممنهجة تتم بحق هؤلاء المنسيين وعلى دفعات بدون حسيب ولا رقيب لا من التحالف ولا من أحد خارجه من منظمات مدنية وحقوقية أو صحفية .
وإذا كان الخلاف بين بغداد والإقليم الكردي حول الإستفتاء سببا في كشف زيباري هذه المعلومات والأرقام ، فإن التنافس بين العبادي ونوري المالكي ( الإثنان من حزب الدعوة الذي أسسته وتشرف عليه إيران ) جعل المالكي يتحدث بما هو أخطر بالنسبة للعراقيين ، حينما كشف أعداد القتلى من الجيش والحشد في معركة الموصل ليحرج العبادي أمام قواعده الشيعية والإنتخابات تقترب .
لقد رد العبادي على زيباري ورفض أرقامه بخصوص الأربعين ألفا من ضحايا الموصل المدنيين مع أنهم أكثر كما يقول البعض ، ولكن ماذا تراه يقول لخصمه اللدود الذي أكد بأن عدد قتلى الجيش والحشد في معركة الموصل وصل إلى 20 ألفا وفق ما نقل زيباري عن المالكي نفسه .
كما هو متوقع ، فقد جاء الرد سريعا وعلى حساب السنة أيضا ، حينما أكد العبادي أن الحشد الإيراني باق إلى قيام الساعة ، وإنه سيظل تحت رعاية المرجعية الدينية ، وهو بذلك يغازل الملالي الذين بيدهم مقاليد التغيير .
أي أن الإيرانيين يحصدون بمنجلين : فهم الوحيدون - في معادلة العراق - من يزيد لديهم حساب الحقل على حساب البيدر ، أما العرب ، وما أدراك ما العرب ، فلا حقل ولا بيدر ولا حصاد سوى ما تعلمون .
د.فطين البداد