هل انتهت بالفعل الحرب في سورية!
ازدادت خلال الأيام الأخيرة الإشارات الدالة على قرب انتهاء الحرب في سورية، بل الأكثر من ذلك توالي التصريحات من قبل رموز المعارضة السورية بأن الحرب انتهت بالفعل. يجري ذلك في وقت يحقق الجيش السوري الذي احتفل الاسبوع الماضي بذكرى تأسيسه انتصارات متتالية وفي مناطق متعددة من البلاد تعد الأكبر منذ أكثر من ست سنوات من الحرب والصراع، فيما لا توجد مؤشرات واضحة على الطريقة التي تفكر بها قوى دولية واقليمية بمستقبل النظام السوري وهل ما يحققه من انجازات عسكرية كافية لإعادة تأهيل النظام مجددا للاستمرار.
آخر هذه التصريحات ما أطلقه المعارض خالد محاميد عضو وفد المفاوضات في جنيف في مقابلة صحفية الاسبوع الماضي، أشار فيها مباشرة الى ان الحرب في سورية انتهت على الأرض، بعد اتفاقيات اميركية روسية واقليمية فيما سمي بتخفيف التصعيد والتي أدت الى وقف اطلاق النار عمليا على اكثر من جبهة وأوجدت المناطق الآمنة، واستحق هذا المعارض الفصل من الوفد المفاوض على هذه التصريحات.
عمليا كانت معركة حلب التي حسمها الجيش السوري نقطة تحول استراتيجية فاصلة في تاريخ الصراع السوري. حينها قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوح الاميركي السيناتور بوب كروكر "إن الحرب التي تعصف بسورية تعتبر بحكم المنتهية، وان مصير البلاد الآن بيد روسيا". بعد هذه المعركة تقدمت قوات النظام وحلفاؤها في اكثر من جبهة.
دعاة فرضية نهاية الحرب في سورية يستندون الى وقائع على الأرض؛ ابرزها عودة المبادرة والسيطرة وبقوة لقوات النظام ومن يقف الى جانبه من حلفاء، وتراجع قوة ونفوذ قوات المعارضة المقاتلة، وفي مقدمتها الجيش الحر الذي تراجع نفوذه بشكل كبير خلال العام الحالي بفعل الضربات العسكرية لقوات النظام والطيران الروسي، ووقف برنامج التدريب العسكري الاميركي في عهد الجمهوريين. كما فعلت الضربات المتتالية التي تلقتها الجماعات الاسلامية المتطرفة فعلها في كسر شوكة تنظيم "داعش" وجبهة فتح الشام وغيرهما من فصائل صغيرة أخرى حليفة لهما، وازداد الامر تعقيدا بعد توقف مصادر الدعم الخارجي للقوات المعارضة المسلحة، واهمه الدعم الخليجي، والمقصود القطري بعد الأزمة التي يشهدها الخليج هذه الايام، ولعل من ابرز مظاهر هذه التحولات بدء عودة عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين من لبنان الى بلادهم.
في هذه الأثناء، تزداد السيناريوهات المتناقضة التي تطرح المزيد من الافكار حول اليوم التالي في سورية، بينما ما يزال سيناريو تقسيم سورية الى مناطق نفوذ اقليمي ودولي وارد بقوة، وبعضها يتحدث عن اتفاق او تفاهمات دولية او ما يسمى اتفاق اطار دولي سيسمح بوجود مناطق حكم ذاتي في اطار كيان فيدرالي برئاسة بشار الاسد، يمهد هذا الوضع لاجراء انتخابات ربما تعمل على اعادة تأهيل نخبة سياسية جديدة من نفس بيت النظام الحالي. الحقائق السياسة والاستراتيجية تقول إن النظام السوري انتقل بالفعل من تأمين مكانه على طاولة الوضع النهائي الى حجز مكان على رأس هذه الطاولة. وعلينا انتظار تحولات عديدة في الخطابات السياسية وفي المواقف الدولية والاقليمية منذ هذا الوقت الى شتاء هذا العام.
الغد 2017-08-06