هذه هي «حماس» !
ليس ضروياًّ أن تعلن حركة «حماس»، بلسان رئيس وفدها إلى طهران للمشاركة في تنصيب حسن روحاني رئيساً وللمرة الثانية بعد لقاء لم يُعرف ما دار فيه مع «مسؤولين كبار» في الحرس الثوري الإيراني، فَتْح صفحة جديدة مع إيران فهذه الصفحة بقيت مفتوحة على مدى ثلاثين عاماً وأكثر وهذه «الصفحة» هي التي أحبطت إتفاقية مكة المكرمة بينها وبين فتح في عام 2007 وهي التي نفذت الإنقلاب العسكري الذي قامت به في غزة ضد منظمة التحرير وضد السلطة الوطنية وضد حركة «فتح» في هذا العام نفسه وألقت بمن أنَّ المفترض أنهم سلاح وإخوة «جهاد» من أجل تحرير فلسطين من فوق الأبراج العالية لـ «تدخل بهم الجنة»!!.
لم يكن خافياً إلا على متواطئ أو «أهبل طلطميساً» أن حركة «حماس» بقيت جناحاً سرياًّ في الحرس الثوري الإيراني حتى بعد رحيلها «الإستعراضي» من دمشق عندما كان نظام بشار الاسد آيلاً للسقوط وإلا ما معنى أنْ يصبح مقرها الرئيسي والفعلي في ضاحية بيروت الجنوبية، التي كانت ولا تزال تشكل ليس دويلة وإنما دولة داخل الدولة اللبنانية تابعة مباشرة وبالنسبة لكل شيء إلى طهران والولي الفقيه، وما معنى أنْ يبقى تحالفها هو تحالف أولياء نعمتها الذين حولوها إلى أحد أرقام التنظيمات الإرهابية عربية وغير عربية.
الآن وبعد كل هذه «المستجدات» تحاول حركة «حماس» أن تلعب لعبة «رِجْل في الفلاحة ورِجْل في البور» وأن تكون هناك «حماس» غزة، المتفاهمة مع القاهرة على أشياء كثيرة بعضها معروف وبعضها غير معروف والمنددة بالإرهاب الذي يواصل إستهدافه لمصر، وهناك أيضاً «حماس» ضاحية بيروت الجنوبية و»حماس» الخارج حيث لا يزال خالد مشعل هو الآمر الناهي.. وهو عملياًّ كل شيء و»حماس» الذين ذهبوا إلى طهران للمباركة بتنصيب روحاني رئيساّ للجمهورية الإسلامية ولكنهم أمضوا وقتهم في إجتماعات سرية متواصلة في مبنى حراس الثورة الإيرانية وربما بحضور الجنرال قاسم سليماني.. ما غيره!!.
لقد مرَّ على تشكيل التنظيم العالمي للإخوان المسلمين لهذه الحركة ثلاثون عاماً وأكثر وكانت أهم إنجازاتها في هذه الفترة الطويلة أنها أظهرت منظمة التحرير على أنها لم تعد الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وأنها دمرت وشوهت أول تجربة ديموقراطية فلسطينية وأنها أبعدت قطاع غزة عن الضفة الغربية وأنها أقحمت الفلسطينيين في صراعٍ جانبي ليس هو صراعهم بدعهما للإرهاب الذي إستهدف مصر ولا يزال يستهدفها وأنها إنحازت ولا تزال لـ «الإخوان» المصريين الذين فقدوا حكماً ما كانوا يستحقونه وأنها لا تزال تحاول العودة بالوضع الفلسطيني إلى ما قبل قرار الرباط عام 1974 وإلى وضعية أقرب إلى وضعية عندما كانت كل منظمة فلسطينية تابعة لنظام عربي وغير عربي.
كان بإمكان «حماس» لو أنها تنظيم فلسطيني مستقل بالفعل أن تذهب كلها إلى غزة وهذا إنْ لم تستطع الذهاب إلى الضفة الغربية عندما إستجد كل هذا الإهتزاز في المعادلات العربية والإقليمية فـ»القطاع المحاصر» وبين أبناء شعبها المكافح العظيم أفضل لها ولقادتها «الميامين» من التنقل بين العواصم العربية وغير العربية وأفضل لقادتها أصحاب القرارات الفعلية من أن يجلسوا في مقرات حراس الثورة الإيرانية كـ»الأيتام على مآدب اللئام».. والله من وراء القصد.
الرأي 2017-08-09