الدور الأميركي والمسألة الكردية !

تم نشره الخميس 24 آب / أغسطس 2017 12:48 صباحاً
الدور الأميركي والمسألة الكردية !
محمد كعوش

قبل أيام قليلة شاهدت تسجيلا، بالصوت والصورة، تتداوله وسائل التواصل الإجتماعي، هو عبارة عن احتفال أو مهرجان في تل ابيب بحضور وفد كردي عراقي، دعا فيه الإسرائيليون الأكراد الى التمسك باجراء الإستفتاء من اجل الأنفصال واقامة دولة كردية في شمال العراق بدعم من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة والعالم.

أكاد أن لا أصدق ما شاهدت وسمعت، وفي ذات الوقت لا اعتقد ان الشريط مفبرك أو مزيف، على الرغم من التغيير التكتيكي الطاريء الذي حدث مؤخرا في موقف الأدارة الأميركية حين طلبت من مسعود البرزاني تأجيل الإستفتاء، وهو الموقف الذي اثار الكثير من التساؤلات وعلامات الإستفهام.

الحقيقة ان الموقف الأميركي الجديد من الإستفتاء ليس من اجل مصلحة العراق، بل من أجل مصلحة واشنطن ومشروعها في سوريا...كيف؟!

كلنا نعرف أن الولايات المتحدة ومعها دول اوروبية داعمة وحامية لكردستان العراق، كما نعرف أن القوات الأميركية والغربية المتحالفة استخدمت الشمال منصة متقدمة في عملية غزو العراق واحتلاله، اضافة الى القناعة بأن انفصال الشمال واقامة دولة كردية هي خطوة اولية على طريق تقسيم بلاد الرافدين، وهو الهدف الأميركي الحقيقي الذي سعت الى تحقيقه القوات الغازية منذ الإحتلال حتى اليوم، لذلك تم تفكيك الدولة وحل الجيش، وتخريب النسيج الإجتماعي، على قاعدة عرقية وطائفية، اضافة الى فرض تطبيق دستور بريمر الذي يكرّس هذا الواقع الجديد.

ولكن هنا يبرز السؤال: اذا كانت واشنطن تريد تقسيم العراق، لماذا طلبت تأجيل الإستفتاء حول الإنفصال ؟!

لا أعتقد أن الحرب التي يشنها الجيش العراقي على تنظيم داعش هو السبب الرئيس، لأنني على يقين أن القوات الأميركية المتواجدة في العراق وسوريا غير جادة في محاربة داعش والقضاء على التنظيمات المسلحة المتطرفة لأن هذه التنظيمات ما زالت في خدمة المشروع الأميركي وتحتاج بعض الوقت لأنجاز مهمتها التخريبية، رغم تدهور أوضاعها وتقهقرها، لذلك يتم، وباستمرار، عرقلة المفاوضات، ووضع المصاعب والمصائد في طريق المصالحة الوطنية في سوريا والعراق واليمن وليبيا.

هناك حقيقة واحدة باقية تشير الى أن الأدارة الأميركية طلبت تاجيل الأستفتاء في كردستان العراق، لأنها لا تريد فتح جبهة جديدة في العراق يكون الأكراد محورها، ففتح مثل هذه الجبهة سيعيد خلط الأوراق من جديد، وبالتالي يضر بالخطة الأميركية الساعية الى رسم حدود اقليم كردي في شمال سوريا، كخطوة اولية لتقسيم البلاد، أو على الأقل، فرض واقع جديد في الشمال يحدث تغييرا في وحدة أرض وشعب سوريا.

لذلك تريد واشنطن بعض الهدوء في شمال العراق، خصوصا بعد التقارب التركي الإيراني وتقاهم الطرفين حول المسألة الكردية في شمال سوريا، وهو التفاهم الذي دفع بالرئيس التركي أردوغان الى التهديد باستخدام القوة لمنع قيام كيان كردي على حدوده مع سوريا، مع ضرورة الإشارة الى أن هذه المسألة كانت سبب الإختلاف مع واشنطن، كما هي سبب التغيير المستمر في التحالفات التركية على الصعيدين الأقليمي والدولي.

واللافت أن ادارة الرئيس ترمب تنزلق تدريجيا وبسرعة نحو التورط عسكريا في الصراع الدائر في المنطقة، في حين نرى تراجعها في الدور السياسي، الذي لم يتجاوز الدور السلبي الضعيف والمتهالك وغير المؤثر في النتائج، لأن هذه الإدارة تريد التحكم بمسار مستقبل المنطقة من خلال لحظة الحاضر، وبالتالي الإثبات بأن الرئيس ترمب المتشدد يختلف عن اسلافه، فهو صارم في تنفيذ وعوده، دون ان يدرك أن القائد الجيد هو الذي يجمع بين الصلابة والمرونة، وهنا يحضرني قول ديوجين الأغريقي: «هناك اختلاف دقيق بين الحكيم والأحمق «.

الراي  2017-08-24



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات