الاقتراض العام المحلي يضعف الاستثمارات...
يعتبر الجهاز المصرفي الأردني في سوقي الودائع والاقراض من أنشط القطاعات المصرفية العربية اذا يناهز الاقراض والتسهيلات الائتمانية لمختلف الاغراض اجمالي الودائع، وهذه ظاهرة صحية وتشير الى عزيمة القطاع الخاص بشكل عام، الا ان الاقتراض العام من الجهاز المصرفي كبير جدا ويتجاوز 40% من اجمالي القروض والتسهيلات المقدمة، مما ادى الى مزاحمة القطاع العام للقطاع الخاص في التمول من الجهاز المصرفي، ويزيد الامور تعقيدا اضمحلال سوق السندات والصكوك الاسلامية، وبالتالي التأثير سلبيا على الاستثمارات المحلية، وهذا يفسر تدني قدرة الاقتصاد على توفير فرص عمل جديدة بالقدر الكافي لاستيعاب الداخلين الجدد الى سوق العمل من ناحية وتشغيل المتعطلين عن العمل منذ سنوات واشهر من جهة اخرى.
مزاحمة القطاع العام على الاقتراض دفع البنوك الى التشدد في منح الائتمان لاستثمارات القطاع الخاص واعتماد البنوك هياكل فائدة مرتفعة على الاقراض بالدينار الاردني، بما يؤثر على النهوض الاقتصادي العام في البلاد، وان استمرار هذا الوضع سيقود الى ارتفاع البطالة وعلى اقل تقدير استقرارها عند مستويات مرتفعة، واتساع نطاق الفقر في كافة المحافظات والتجمعات السكانية، ولانبالغ اذا قلنا ان كل بيت لديه متعطل عن العمل على اقل تقدير، لذلك تستدعي الحاجة البحث في افضل السبل لحل هذه المعضلة، والحل يبدأ بتخفيف اعتماد القطاع العام على التمويل من البنوك والبحث عن مصادر تمويل اخرى خارجيا، واعتماد سوق السندات والصكوك بديلا عن الاقتراض المباشر من البنوك.
ابتعاد القطاع العام عن الاقتراض من البنوك واطفاء قسم مهم من اذونات الخزينة بسندات تنموية متوسطة الى طويلة الامد وفق تكاليف اموال محددة امر حيوي، بحيث توظف المدخرات المتاحة خارج ميزانيات البنوك المرخصة، وزيادة مخصصات صناديق التنمية الرئيسية التي تعنى بتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بحيث يؤدي ذلك الى زج طاقات الشباب المتعطلين عن العمل في التنمية وهذا افضل الحلول في هذه المرحلة حيث نعاني من ضعف التشغيل في المجتمع.
وفي هذا السياق فإن اطلاق بيوت خبرة ومراكز للتدريب ودراسات الجدوى لتسريع نجاح سياسة التشغيل بالاعتماد على مبادرات الشباب والساعين للعمل، والاستفادة من الامكانيات التي يوفرها صندوق التنمية والتشغيل وصندوق تنمية المحافظات وصندوق الريادة الاردني، والجهود التي تقوم بها وزارتي التخطيط الدولي والتنمية الاجتماعية لتحريك المياه الراكدة والرد على البطالة والفقر بعد ان بلغا نسبا مؤلمة، فالفقر حسب تقرير حديث للبنك الدولي قد يصل الى ثلث الاردنيين بما يزيد معاناة المجتمع والاقتصاد والخزينة العامة مع نهاية العام الحالي.. وقبل كل ذلك لابد من الابتعاد عن اية زيادة متوقعة على تكاليف معيشة المواطنين.
الدستور 2017-08-29