إلى أين تتجه إسرائيل؟
«تتميز» الغالبية في «المجتمع الإسرائيلي/ اليهودي» بـ «الروح اليهودية» المرتبطة بالقومية الصهيونية المتعصبة، الأمر الذي رسخ ثقافة الكراهية والنظرة الدونية ضد الآخر، حتى تحولت اليهودية من عقيدة دينية إلى قومية يهودية، بل وإلى مشاعر عدائية للآخر تتجلى بكل وضوح في حكومة (بنيامين نتانياهو). وفي هذا يقول الوزير الإسرائيلي الأسبق (أوري سفير): «حكومة نتانياهو هي بالاساس نقيض الشيء، تبحث عن الخصام والنزاع، ومفعمة بالكراهية والعنصرية.
هذه حكومة استيطان. وهي تعرض للخطر هوية اسرائيل اليهودية والديمقراطية وتعزلها في العالم. واستمرار هذه السياسة سيؤدي بنا الى تراجيديا يونانية».
لقد دخلت إسرائيل وبخطى متسارعة نحو ترسيخ العنصرية داخل المجتمع الاسرائيلي ومؤسسات الدولة، الأمر الذي ربما يضمن بقاء واستمرارية اليمين المتطرف بالحكم لسنوات.
وواضح وجلي أنها دولة تجنح سريعا الى التطرف والارهاب يوميا ضد كل ما هو فلسطيني، وكأن «الإسرائيلي» ومنذ ولادته يتعلم أن الموت معادل لرؤية فلسطيني يتنفس، وأن قتله ليس ذا شأن هام. وهناك نسبة كبيرة في المجتمع الإسرائيلي تتعامل باستهتار، يقود إلى قبول، ما يفعله الجنود الإسرائيليون ضد الشعب الفلسطيني من تمييز وقتل وتعذيب.
وفي هذا يقول المحلل السياسي (جدعون ليفي): «لو قتل مواطن يهودي على يد الأمن، لضجت الدولة، وذلك وفق تصنيف أثني–سياسي مسبق: إذا كان القتيل أثيوبياً- ضجة أقل، وإذا كان حريدياً (متشددا دينيا)–ضجة أكبر، أما إذا كان مستوطناً–فهذه نهاية العالم.
عناوين أولى، لجنة تحقيق، بؤرة استيطانية على اسمه «تعويضاً»، ويوم مخصص لذكراه محدد في القانون. لكن يا لها من مصادفة مذهلة: المتظاهرون الذين يقتلون بالرصاص في إسرائيل دائما عرب. كذلك اللصوص الذين يقتلون بالرصاص دائما عرب تقريبا. مصادفة مذهلة»!
في هذا السياق، كتب المحلل السياسي الإسرائيلي (حيمي شاليف) يقول: «الكارهون والمحرضون يتصدرون المشهد في الحلبة السياسية وفي شبكات التواصل ويسير اليمين كله وراءهم.
وليس مبالغة القول إن اليمينيين المعتدلين الذين يرغبون ببناء جسور مع سائر ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي تم طردهم من الساحة وحلّ مكانهم الذين يريدون إحراق هذه الجسور. يمكن تسمية هؤلاء باليمينيين الجدد، والسمة الأبرز التي تلازمهم هي احتقار الديمقراطية والتعددية وحرية التعبير وسلطة القانون ومبدأ المساواة في الحقوق والقيم الإنسانية. إنهم يحبون أرض إسرائيل القومية المتطرفة. ويطلقون وصف «اليهود الذين يكرهون أنفسهم» على جميع الإسرائيليين اليساريين والعلمانيين وغيرهم من الذين يتمسكون بما بقي من شعار «الدولة اليهودية الديمقراطية».
من جانبه، كتب (زئيف شتيرنهيل) يقول: «في واقع إسرائيل، (كثيرون هم الذين يحاولون) دفع حقوق الانسان إلى الهامش بذريعة أنها تنتمي لمجال القانون، في حين أن الاحتلال هو موضوع سياسي، يذر الرماد في العيون، بهدف تحويل حقوق الانسان إلى موضوع مفتوح للمفاوضات بين الطرفين، مثل موضوع الحدود، بدل أن ينظر اليه على انه موضوع يتعلق بشخصيتنا الإنسانية.
هكذا يمكن القول للفلسطيني الذي يخضع لنظام كولونيالي قاس، والذي يتم سحق حقوقه بقوة الذراع في كل يوم، إن كل شيء مرتبط بالمفاوضات، حتى لو استمرت عشرات السنين».
ويضيف: «اذا كان لنا، نحن الإسرائيليون، حقوق انسان فليس من حقنا أن نسلبها من الفلسطينيين الذين لنا معهم صراع قومي، أو نحن معهم في حرب على تقسيم الارض. إن التفوق في القوة لا ينتج اطلاقا حقوقا أفضل، ويمكنه خلق حقائق لكنه لا يخلق القيم».
أما رئيس الموساد (جهاز الاستخبارات الإسرائيلي) بين سنوات 1989-1996 (شبتاي شافيط) فيقول: «تواصل اسرائيل الانحراف يمينا، وتواصل تطوير المستوطنات وتفرض القانون الزاحف على الضفة الغربية بهدف ضمها.
ويتوقع أن ترتسم اسرائيل كدولة أبرتهايد وستواجه مسارات المقاطعة والعقوبات وعندها التهديد العسكري سيتزايد والأعمال (الإرهابية) من المناطق وغزة ستشتد».
ما يجري في إسرائيل يعبر عن توجه شعبي حكومي مؤسساتي عام. فأركان اليمين في مؤسسات الدولة وجمهورها من «المستوطنين» يتسابقون على قمع الفلسطينيين وكأنهم في مسابقة بينهم على من يتزعم معسكر اليمين، وفي كل مرة تكون هذه المنافسة على حساب الفلسطيني وحقوقه، سواء في قانون مصادرة الأراضي أو عبر سن مئات القوانين والتشريعات التي تكرس الاحتلال والتهويد وتشرع «الاستيطان» وتؤسس لنظام فاشي عنصري.
والحال كذلك، كان من الطبيعي أن يُظهر هذا الدولة الصهيونية وجهه الحقيقي بدء من لحظة تأسيسه في عام 1948، وها هو اليوم قد بات واضحا للجميع: وجه عنصري/ فاشي، يمثل نظاما «استيطانيا»/ إحلاليا/ عنصريا.
الراي 2017-08-31