قانون جديد لضريبة الدخل
تعمل وزارة المالية هذه الايام على إعداد مشروع لقانون جديد لضريبة الدخل ليتجاوز العيوب التي أظهرها القانون الحالي ، وتطبيقاً لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.
تم تسريب بعض الأفكار المطروحة للبحث كبالونات اختبار لإطلاع الجمهور على الاحتمالات الممكنة ، وامتصاص أية اعتراضات متشددة.
الغوغاء السياسية رأت فيما حدث فرصة لا يجوز تفويتها من قبل بعض فرسان الكلام ، بالاعتراض الشديد ورفض التعديل ورفع الصوت بالتحذير من هذا الخطأ الفادح الذي توشك الحكومة على اقترافه. فليس بالإمكان أبدع مما كان.
القانون الحالي يعفي 97% من المواطنين من الضريبة الوطنية. وهذه حالة غير معقولة ، وغير مقبولة ، ولا مثيل لها في أي بلد في العالم ، فإذا جاء التعديل لتوسيع قاعدة المكلفين قامت القيامة ولم تقعد حرصاً على الطبقة الوسطى!.
هناك شكوى ونقد شديد لارتفاع عجز الموازنة ، ولكن أية محاولة لتحسين الإيرادات المحلية للخزينة أو الاقتراب قليلاً من حالة الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس تقابل بالرفض وتقوم القيامة ولا تقعد لان زيادة الضرائب تؤدي إلى الفقر!.
وهناك عيب يقترب من درجة الخطر وهو ارتفاع المديونية التي تقترب حالياً من 100% من الناتج المحلي الإجمالي ، لأن ذلك يضع استقلال البلد في خطر ويخضعه لإملاءات جهات خارجية ، فإذا جرت محاولة لتخفيف حركة الاقتراض قامت القيامة ولم تقعد؟
في الأردن تبلغ حصة الأفراد من الضريبة ما يعادل 4% من الناتج المحلي الإجمالي ، مع أن هذه النسبة لا تقل عن 12% في البلدان ذات الاقتصاديات ومستويات الدخل المشابهة.
وينسى البعض أن الضريبة تصاعدية حسب الشرائح ، فلا تكاد تصيب غير ذوي الدخل العالي جداً ، وحتى هؤلاء يستفيدون من جميع الإعفاءات والمعدلات المنخفضة الخاصة بمحدودي الدخل ولا يذكرون سوى النسبة المفروضة على الشريحة الأعلى التي قد لا تصيب سوى جزء صغير من دخلهم.
المكلف يستطيع القول أن معدل الضريبة على أعلى شريحة من دخله لعام 2016 وصلت إلى 20% ، ولا يريد أن يعترف بان ما يدفعه فعلاً من الضريبة قد لا يزيد عن 7% من دخله الكلي.
تطبق هذه الحقيقة على من سيدفع بعد الآن 25% على الشريحة العليا من دخله ولكن المتوسط العام على كل دخله المعترف به لا يزيد عن 10% وهذا هو الأهم.
لا نزايد على أحـد ، ونعرف أننا جميعاً نحب الأردن ونرغب في الإسهام في قوته وصحته ، ولا نقبل اتساع عجز الموازنة ، أو ارتفاع المديونية ، فلماذا نرفض أي إجراء لعلاج هذه المخاطر المحتملة قبل أن تصبح مخاطر حقيقية.
نستطيع أن نقلب المعادلة ونلاحظ بأن من يرفض توسيع قاعدة المكلفين من قانون ضريبة الدخل ، يؤيد في الواقع إبقاء الأردن عالة على الدول المانحة وشروطها الماسة بالاستقلال ، ولا يمانع في ارتفاع المديونية طالما أن هناك من يقرض وبالتالي تأجيل مواجهة المشكلة إلى أن تصل درجة الأزمة.
الراي 2017-09-11