أمريكا تدعم التكفيريين حسب نصر الله.. بدليل!!
في خطابه يوم السبت الماضي، قال أمين عام حزب الله ما نصه: “ما شهدناه من أحداث خلال السنوات الماضية، كانت فتنة عمياء، وكان الموقف منذ البداية أننا أمام هجمة تكفيرية يمثلها تنظيم القاعدة وجبهة النصرة وتنظيم داعش وكل الجماعات التكفيرية التي استقدموها من كل العالم، وقُدمت لها التسهيلات.. في البداية قد يكون التبس الموقف على البعض، لكن الأمريكيين باعتراف دونالد ترامب، هم من دعموا وقدموا التسهيلات بكل أنواعها للتكفيريين”.
في معظم خطاباته خلال الأعوام الأخيرة، وربما كلها يردد نصر الله ذات المعزوفة، ولا يحدث ذلك عبثا بطبيعة الحال، بل إدراكا منه لحقيقة الأزمة النفسية التي يمر بها الأتباع، وهم يشاهدون الوقائع على الأرض؛ من العراق إلى سوريا واليمن، وهي وقائع تقول إن من طارد ويطارد من يسميها الجماعات التكفيرية هي الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من أي أحد آخر.
من طاردها في العراق من الفلوجة والأنبار وتكريت، وصولا إلى الموصل، هو الطيران الأمريكي، ولولاه لما تمكن “الحشد”، ولا الجيش العراقي من تحقيق ما تحقق على الأرض. وفي سوريا حدث ويحدث الشيء ذاته، من عين العرب إلى دير الزور والرقة، إلى اصطياد القادة هنا وهناك. ومن تطاردهم طائرات أمريكا من دون طيار في اليمن هم عناصر القاعدة، ولم يحدث أن ضربت موقعا لحلفاء نصر الله، وأتباع خامنئي الحوثيين.
لكل ذلك يجد نصر الله وبقية أتباع الولي الفقيه حرجا شديدا، وهم يوصّفون تلك الجماعات، وتراهم يرددون هراءً لا يمر على عقول الأطفال حول طائرات تسقط المعونات والأسلحة لـ”داعش”، وسوى ذلك من الروايات السخيفة، ولا بد لنصر الله بدوره أن يقنع الأتباع أنه يقاتل حلفاء أمريكا وليس شيئا آخر، متجاهلا كل تلك الحقائق على الأرض.
ليست هذه تزكية لتلك الجماعات (لا يحصرها نصر الله في تنظيمين)، ولا دفاعا عنها، مع أنها ليست سواءً بطبيعة الحال، فهي أضرت بثورة الشعب السوري. والعسكرة عموما، وإن كانت محقة من زاوية أخلاقية بعد إمعان النظام في القتل، لم تكن في صالح الثورة، لكننا نرد على هراءٍ لا يتوقف هدفه تزييف الحقائق حول المعركة التي تجري في المنطقة، والتي لا تنتمي بأي حال لشعارات المقاومة والممانعة التي يتبجح بها القوم.
إنها معركة لمصلحة مشروع الولي الفقيه، ولا صلة لها البتة بالصراع مع أمريكا والصهاينة، حتى لو وقف الأخيرون ضد إيران وحزب الله، لا لشيء إلا لحرصهم على بقاء موازين القوى لمصلحتهم، ولو فكّر أي طرف عربي، مهما بلغ قربه من الكيان الصهيوني في اقتناء النووي مثلا، لما سكتوا عنه.
هي معركة معقّدة ومركّبة، وبوسع نصر الله وساسة إيران أن يقولوا ذلك للأتباع، لكن خطاب التحشيد لا يسمح بذلك، فيذهبون نحو ترديد الهراء إياه.
الذي لا يقل أهمية عن ذلك كله، هو أن نصر الله وأتباع الولي الفقيه، يظنون جماهير الأمة، بل ذاكرة أبدا كي تنسى كيف فاجأت ثورة الشعب السوري الجميع، ومكثت شهورا تبذل الدم في الشوارع، قبل أن تطلق رصاصة واحدة، وأن من أخرج “الجهاديين” من سجونه في تشرين ثاني 2011، بينما كان يعتقل المتظاهرين السلميين في الشوارع بالآلاف، هو النظام، وهو يعرف تماما إلى أين سيذهبون، وماذا سيفعلون.
ليس هذا فحسب، بل إن “داعش” كان مطاردا في العراق، قبل أن تمنحه طائفية المالكي دفعة جديدة عندما رد بالرصاص على اعتصام الناس السلمي، وذلك بعدما أمعن في طائفيته بدل أن يفعل العكس حين ذهب العرب السنّة نحو العملية السياسية في 2010. ولنا أن نضيف هنا استيلاء الحوثيين على اليمن بمسلسل من الأكاذيب، كان نصر الله للمفارقة يرددها في خطبه، ويوتيوب يفضح ذلك بوضوح.
خلاصة القول هي أنه لو خطب نصر الله مليون خطاب، فلن يخفي حقيقة أنه بندقية بيد الولي الفقيه، وأنه يقاتل لأجل مشروعه، ولا صلة للأمر؛ لا بإسرائيل ولا أمريكا إلا من زاوية الاستخدام، أو حين تقف الأخيرتين ضده، تماما كما تقف ضد أي طموح لآخرين في امتلاك القوة، ومحاولة تغيير موازين القوى في المنطقة. نقول ذلك كله، مع قناعتنا بأن سيل الهراء لن يتوقف، و”اللي على راسه بطحة بيحسس عليها”، كما يقول المثل الشعبي.
الدستور 2017-09-30