مجرد كلام!
"الخطاب الكوري الشمالي موجه إلى الشعب الكوري الشمالي أكثر من كونه موجهاً لجمهور أجنبي، وتكمن الفكرة في إبقائه خائفاً وحذراً وموحداً، ولتثبيت اعتقاد النخب الكورية الشمالية بأن توحيد الكوريتين كارثة لها" حنه بيتس (الغد في 26/5/2017). ولكن الجميل في حملة التنابز بالألقاب بين كيم وترامب أن مجنوناً صغيراً ينابز مجنوناً كبيراً أو من هو "أجن" منه.
ومن جانبي أعتقد أن كوريا الشمالية أوهى من بيت عنكبوت، فقد علمنا التاريخ أن جميع الديكتاتوريات سرعان ما تنهار أمام دولة ديمقراطية، لأن الشعب المسحوق بالدكتاتورية سرعان ما ينكره الديكتاتور ويتخلى عنه إذا رأى بارقة أمل في هزيمته. أنظر كيف تحول الكوريون الشماليون – مدنيين وعسكريين – إلى دمى يحركها إنسان آلي هو الدكتاتور ومخابراته، ولكنهم لن يستمروا كذلك إلى الأبد.
الكلام الكبير للزعيم الكوري الشمالي المراهق تعودنا على مثله في بلاد العرب وتعود العالم عليه، ولكن صاحبه لا يصمد مهما كان مسلحاً أمام دولة ديمقراطية تخوض معركة ضده، لأن قوات الديكتاتور المسلّحة منصرفة أو مشغولة بكليتها للمحافظة على أمنه وحياته. إنها تسهر عليهما بأمره فلا يجرؤ على توجيهها للدفاع عن الوطن، بينما نظام الدولة الديمقراطية في أمان وقواته مكرسة لحماية الشعب/ الوطن، فلا يخشى على نفسه من الشعب.
يعتقد كل ديكتاتور ويتصرف على أنه خالد، وأن الشعب/ الوطن زائل، وعليه فإنه مستعد لأبادته أو تفتيته ليبقى.
يأمل الشعب الكوري بشطريه ويأمل العالم معه قيام كوريا الجنوبية باستيعاب شطره الشمالي ووقايته من الفوضى في حالة انهيار النظام الديكتاتوري فيها، تماماً كما فعلت ألمانيا الغربية عندما استوعبت ألمانيا الشرقية وانتشلتها من الفقر والضياع والبطالة، ورفعتها إلى مستواها، واسترجعت الوحدة الشعبية الألمانية بعد نحو نصف قرن من ضياعها.
لكن الوضع أو الأمر في الوحدة الكروية مختلف، لأن الصين بالذات تفضل بقاء كوريا منقسمة إلى ما لا نهاية لأنها تخشى تداعيات الوحدة الكورية عليها.
ولا تختلف الديكتاتورية الدينية عن ذلك، فأصحابها يعتقدون ويتصرفون على أساس أن فكرهم خالد وأن الأوطان وبقية الأفكار زائلة، فلا يتغيرون بحوار أو بجدل إلى أن يقوم التاريخ بتهميشهم أو بإلقائهم خارجه ليدرسهم المؤرخون والباحثون فيما بعد كآثار عفى عليها الزمن.
********
يقول مفكر: "البلد الذي ليس لديه سوى رجل واحد لإنقاذه لا يستحق الإنقاذ".
ويقول الفيلسوف التربوي المعروف جون ديوي: "إن أي أمر يضعف المسؤولية الشخصية بالقول والفعل يساعد على خلق مواقف أو اتجاهات ترحب بالدولة الديكتاتورية وتؤيدها".
ويقول آخر: "بالنظام الديمقراطي تستطيع أن تعتقد أو لا تعتقد. أما بالنظام الديكتاتوري فليس عليك سوى التصديق، وإلاّ... "
ويقول آخر: "لا يستطيع رجل واحد إرهاب شعب بأجمعه ما لم يكن الجميع شركاء له فيه".
ويقول آخر: "إن مجتمعاً من الخراف يؤدي - بمرور الوقت - إلى مجيء حكومة من الذئاب".
ويقول آخر: "لا جدوى من قيام الخراف بإصدار قرار لصالح الغذاء النباتي إذا كان للذئب رأي آخر".
*******
شدد الشيخ صالح الحكيم – رئيس مركز الحكمة للحوار والتعاون في بغداد في كلمة له في مؤتمر المنتدى الاقتصادي العالمي في الأردن (21/5/2017) على وعي العراقيين بأهمية فصل الدين عن السياسة، مؤكداً أن إدخال الدين في السياسة خاطئ، لأن للدين روحا خاصا، ويجب أن يكون بعيداً عن البازار السياسي".
الغد 2017-10-02