الأسير وفضل شاكر إرهابيان
ما يزال البعض يصرّ على إطلاق لقب (شيخ) على الإرهابي اللبناني أحمد الأسير الذي حُكم عليه قبل ايام من قبل القضاء اللبناني بالإعدام، جراء قتله ما يقرب من 18 جنديا لبنانيا، كما يطلق بعضهم على الإرهابي الآخر فضل شاكر الذي حكم عليه بالسجن 15 عاما جراء ذات التهمة لقب (فنان).
أعتقد أن من يصرّ على إطلاق كلمة شيخ على إرهابي محكوم بالإعدام جراء جرائمه وقتله لأفراد من جيش بلاده إنما يريد تشويه صورة الشيوخ، ويتوجب وقفه من قبل جمهرة رجال الدين الحقيقيين الذين يدينون ما أقدم عليه الأسير وزمرته.
هذا يتطلب منهم التصدي فكريا لمثل تلك التصرفات وإعلان أن الأسير ليس برجل دين أو شيخ، وإنما كان اقرب للشعوذة والسحر منه للدين، وتوضيح ان ما اقدم عليه عمل إجرامي مدان لا يمكن لعالِم دين حقيقي يعرف ان الدين رسالة انسانية وأخلاقية وفكرية، حضارية، القيام به.
ما ينطبق على الاسير ينطبق على الارهابي فضل شاكر؛ فإطلاق كلمة فنان عليه يسيء لفكرة الفن وإنسانيته، فمن يحمل سلاحا بوجه جيش بلاده ويطالب بقتلهم كـ"الصيصان" وفق ما ظهر في فيديو له، لا يستحق هذا اللقب، ويتوجب على كل من يؤمن برسالة الفن السامية إعلان رفضه لمثل تلك التصرفات وإدانته لها.
سبب ما ذهبت اليه ملامستي وجود ناس وساسة لبنانيين، وأردنيين، وإعلام أردني وعربي، يصر على إطلاق لقب (الشيخ) قبل اسم إرهابي مدان، وفي هذا التوصيف رسالة في اتجاهين، الاول: إما ان يكون من يطلق هذا التوصيف يريد إيصال رسالة مفادها (انظروا ماذا يفعل الشيوخ؟) وهذا غمز مرفوض، إذ لا يجوز اعتبار حالة إرهابي واحد تمثل كل الشيوخ، والاحتمال الثاني يحمل في ثناياه رفضا مبطنا للحكم القضائي وتحريضا تحت الطاولة لجمهور الأسير ومَن يمثله، وفي هذا فعل لا أخلاقي وغير قانوني، فمن أصدر الحكم على ذاك الإرهابي هو القضاء اللبناني الذي يتوجب احترام قراراته، ولا يتوجب التعامل مع تلك القرارات مزاجيا، وحسب المدان.
شخصيا أميل إلى ان يكون مقصد اولئك الذين يطلقون لقب شيخ على قاتل وارهابي، مرده رفض مبطن لقرارات المحكمة وتعاطف غير معلن مع المدان وزمرته، وأرى ان ذلك ممكن إذ إن للأسير الذي يتبع فكرا سلفيا متشددا انصارا في لبنان وخارجه، كما أن أتباع هذا الفكر موجودون عندنا في الأردن أيضا.
أعتقد أن اولئك السلفيين المتشددين وفي ظل انكفاء أفكارهم وهروب قياداتهم وقتلها، باتوا يتبعون درب التلميح والغمز واللمز والتشكيك وسيلة لايصال وجهات نظرهم، فتلمس كثيرا تعاطفهم مع القتلة تلميحا وليس تصريحا، وتراهم فرحون لو نجح داعش او النصرة او اي تنظيم متشدد في نصب كمين للجيش السوري او العراقي وينقلون الخبر بينهم وعلامات السرور تظهر عليهم، وتستشعر علامات الرضا والسرور أيضا عبر وسائل إعلام تتمثل أولئك المتشددين المخفيين.
نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى وعلى وجه السرعة لتشريع يتضمن منح الجميع حق رفض ومحاسبة كل من يطلق اي فكر إقصائي أو إقليمي أو ظائفي أو جندري، وذلك حتى لا نترك بابا لخفافيش الظلام للظهور مجددا، وأدعو ايضا لصياغة مفردات يتم تداولها حصرا، وهذا يتطلب رصد وسائل الإعلام والعبارات المستخدمة فيها والتنبيه على مستخدميها حتى نضمن البقاء في بداية خط الانطلاق نحو التأسيس للدولة المدنية العصرية الحضارية، فنحن ما نزال عند خط البداية لم ننطلق، ونجد البعض يريد لنا أن نعود للوراء باتجاه مناطق العنصرية والفئوية والإقليمية والجهوية والسلفية.
الغد 2017-10-04