ماذا بعد المصالحة ؟

تم نشره الخميس 05 تشرين الأوّل / أكتوبر 2017 12:50 صباحاً
ماذا بعد المصالحة ؟
محمد كعوش

المصالحة الفلسطينية حركت كل الأسئلة حول حاضر القضية الفلسطينية ومستقبلها: ما هي الوصفة السحرية المصرية التي نجحت في انهاء الأنقسام الفلسطيني المزمن، وهل هي مصالحة وطنية حقيقية أم مصالحة وهمية، ما مدى تاثير التطورات الأقليمية على الواقع الفلسطيني الجديد، ما هو مصير سلاح حماس، وما هي الخطوات الجديدة على المسار الفلسطيني–الإسرائيلي؟

شريط من الأسئلة يمتد من رام الله الى غزة فيه الكثير من عناصر الإثارة والدهشة التي ما زالت تحجب الأجوبة حتى هذه اللحظة، ولكن عندما نتقدم في الطريق ستتضح لنا معالمها، لأن الكل ينتظر تلاشي الغموض وظهور التفاصيل الحقيقية والأجوبة الواضحة على كل الأسئلة والتساؤلات التي يطرحها المراقبون والمتابعون وقبلهم ابناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، الذي عبّر عن موقفه بالإبتهاج والترحيب والسعادة الطارئة الموشحة بالأمل.

صحيح ان المصالحة حركت المشترك في المشاعر الوطنية العفوية التي يتسلح بها الشعب الفلسطيني بكل اطيافه وفصائله وتلاوينه السياسية وفئاته الإجتماعية، ولكن عندما شاهدنا استقبال رئيس حكومة الوفاق الحمدالله لدى وصوله الى القطاع ادركنا أن للمصالة الوطنية في غزة لها طعمها الخاص ووقعها المميز، رغم ان جرح غزة اكبر من صوتها، استيقظ الغزاويون ليواجهوا ما حولهم من نار وحصار وجوع وقلق، بعد انتظار ثقيل مؤلم وصمود اسطوري، في زمن غابت فيه النخوة العربية في وقت الشدة.

الحقيقة أن الشعب الفلسطيني مل مشاهدة صورالمصافحة بين قادته في الضفة والقطاع، والتي كانت تنتهي بلا مصالحة لأكثر من مرة وفي اكثر من عاصمة عربية، والتي كان يخسرالجميع بعدها نعمة الحوار واستبدالها بلغة الخناجر وغضب الحناجر و»العداء الأخوي»، حتى ضاق الخناق على الجميع، إلا أن مصر هذه المرة وضعت ثقلها وعمقّت دورها من أجل حل هذه المسألة، وحماية حدودها، خصوصا أن غزة هي خاصرة سيناء التي ألهبها الأرهاب واتعبها.

ولكن التجربة المرة في صحيفة السوابق للتنظيمات المتصالحة تضطرنا الى الترحيب بالمصالحة الوطنية الفلسطينية بحذر شديد، رغم ايماننا بان حبة الندى تبشّر بقدوم المطر خصوصا في تشرين الذي حل حاملا معه نسمة باردة في هذه الأجواء الملتهبة.

يبقى التساؤل المفصلي الأهم حول التحدي الأكبر الذي تواجهه المصالحة الفلسطينية، ويتمحور حول الموقف الأسرائيلي الحقيقي السري والمعلن، فالى أي حد تسمح حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل باعادة تركيب ما تفكك في الجسد والروح والزمن والوطن الفلسطيني؟

الذين يعرفون الصهيونية جيدا يؤكدون ان فكر الحركة لا يؤمن بالسلام العادل الذي ما زال غائبا، لذلك ستوظف اسرائيل قسوة المجتمع الدولي وتجاهله القضية الفلسطينية، اضافة الى استغلال غياب قوى الضغط العربية والدولية، من اجل تحويل المصالحة الوطنية الى مصالحة وهمية، ووضع عراقيل ومصاعب في طريق انتقال المصالحة من النظرية الى حيّز التطبيق الفعلي، واولها مسألة سلاح حماس وذراعها المسلح، واعتراف الحركة باسرائيل، وامكانية شن عدوان جديد على غزة، او افتعال حرب محدودة جديدة ضد حزب الله، او في الجولان.

الحقيقة ان الزمن العربي الذي انسحب الى الخلف ترك لاسرائيل عصرها تتحرك فيه بلا قيود أو ضغوط لتحقيق اهداف الحركة الصهيونية التوسعية، بعدما وظفّت الزمن لصالحها، فالحكومة المتطرفة اليمينية في تل ابيب أعادت احياء الإصرارالخرافي على تحقيق الحلم، بل الوهم الصهيوني القديم، من خلال اطالة عمر الإحتلال، لتمكينها من تهويد القدس، وضم المزيد من الأراضي المحتلة، والنشاط الإستيطاني بهدف خلق واقع جديد يجعل من المستحيل اقامة دولة فلسطينية متصلة قابلة للحياة.

ولكن ليس بالضرورة ان تكون الطريق أمام الأسرائيليين سهلة وسالكة الى هذا الحد، فصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وفي دياره بقوة الإرادة ووضوح الطريق، واستخدام كافة الخيارات يفشل كل المخططات، لأننا نعرف ان الإسرائيليين ما زالوا يعانون من المأزق الوجودي.

الراي 2017-10-05



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات